أنها باقيةٌ على نِكاحِ الأولِ، إلا أنْ نَقولَ:«الفُرقةُ تَنفذُ ظاهِرًا وباطِنًا» فهي زَوجةُ الثاني، والأولُ قولُ الشافِعيِّ، والثاني قولُ مالكٍ.
وآخَرونَ أسرَفُوا في إنكارِ هذا حتى قالُوا: لو حكَمَ حاكِمٌ بقَولِ عُمرَ لَنُقضَ حُكمُه؛ لبُعدِه عن القياسِ.
وآخَرونَ أخَذُوا ببَعضِ قولِ عُمرَ وتَرَكوا بعضَه فقالُوا: إذا تَزوَّجتْ فهيَ زَوجةُ الثاني، وإذا دخَلَ بها الثاني فهيَ زَوجتُه، ولا تُرَدُّ إلى الأولِ.
ومَن خالَفَ عُمرَ لم يَهتدِ إلى ما اهتَدَى إليه عُمرُ، ولم يَكنْ له مِنْ الخِبرةِ بالقِياسِ الصَّحيحِ مثلُ خِبرةِ عُمرَ؛ فإنَّ هذا مَبنيٌّ على أصلٍ وهو وَقفُ العُقودِ (١).
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو غابَ الزَّوجُ غَيبةً ظاهِرُها الهَلاكِ، كالذي يُفقَدُ بينَ الصفَّينِ في القِتالِ بينَ المُسلمينَ بعضِهم لبَعضٍ أو بينَ المُسلمينَ والكفَّارِ، أو كالذي يُفقدُ مِنْ بينِ أهلِه لَيلًا أو نهارًا أو يَخرجُ إلى الصلاةِ فلا يَرجعُ، أو يَمضِي إلى مكانٍ قَريبٍ ليَقضيَ حاجتَه ويَرجعَ فلا يَظهرُ له خبَرٌ، أو يَنكسرُ بهم مَركبٌ فيَغرقُ بعضُ رِفقتِه، أو يُفقدُ في مَهلكةٍ كبَريَّةِ الحِجازِ ونحوِها، هل تَتربَّصُ زَوجتُه أربَعَ سِنينَ أكثَرَ مدَّةِ الحَملِ ثمَّ تَعتدُّ للوَفاةِ أربَعةَ أشهُرٍ وعَشرًا وتَحلُّ للأزواجِ؟ أم تَنتظرُ إلى أنْ تَتيقَّنَ موتَه أو طَلاقَه أو يَبلغَ مِنْ العُمرِ ما لا يَعيشُ مثلُه إلى هذا العُمرِ؟