للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن رامَ الجَمعَ بينَهما حُمِل حَديثُ النَّهيِ على الكَراهةِ وحَديثُ الاحتِجامِ على رَفعِ الحَظرِ.

ومَن أسقَطَهما لِلتَّعارُضِ قال بإباحةِ الاحتِجامِ لِلصائِمِ (١).

١٨ - مَنْ تَمضمَض أو استَنشَق فدخَل الماءُ إلى حَلقِه:

اتَّفق فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الصائِمَ لا يُفطِرُ بالمَضمَضةِ سَواءٌ كان في الطَّهارةِ أو غَيرِها، وقد رُوي عن النَّبيِّ أنَّ عُمَرَ سألَه عن القُبلةِ لِلصائِمِ؟ فقال : «أَرَأَيْتَ لو مَضْمَضْتَ من الْمَاءِ وَأَنْتَ صَائِمٌ؟ قُلتُ: لَا بَأْسَ بِهِ، قال: فَمَهْ» (٢).

ولأنَّ الفَمَ في حُكمِ الظاهِرِ لا يُبطِلُ الصَّومَ بالوُصولِ إليه كالأنفِ والعَينِ.

إلا أنَّهم قد اختَلفُوا فيما إذا تَمضمَض أو استَنشَق فدخَل الماءُ إلى حَلقِه هل يُفطِرُ بذلك أو لا؟

وهذا لا يَخلو من حالتَيْن كما يلي:

الحالةُ الأُولى: أنْ يُبالِغَ في المَضمَضةِ والاستِنشاقِ:

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّ الصائِمَ إذا بالَغ في المَضمَضةِ والاستِنشاقِ فدخَل شَيءٌ في حَلقِه أفطَر بذلك لِقَولِ النَّبيِّ لِلَقيطِ بنِ صَبِرةَ: «وَبَالِغْ في الِاسْتِنْشَاقِ إلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» (٣).


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٤٠٠، ٤٠١).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٣٨٥).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٣٦٦)، والترمذي (٧٨٨)، وابن ماجه (٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>