وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ ﵀: يَجبُ على كلِّ مَنْ دَعاهُ الإمامُ إلى قِتالِهم أنْ يُجيبَه إلى ذلكَ، ولا يَسعُه التخلُّفُ إذا كانَ عندَه غِنًى وقُدرةٌ؛ لأنَّ طاعةَ الإمامِ فيما ليسَ بمَعصيةٍ فَرضٌ، فكيفَ فيما هو طاعةٌ؟! (١).
الشُّروطُ المعتبَرُ تَوفُّرُها في قِتالِ البُغاةِ:
اشتَرطَ الفُقهاءُ شُروطًا لإباحةِ قتالِ البُغاةِ:
الشَّرطُ الأولُ: أنْ يكونُوا في منَعةٍ بكثرِة عدَدِهم، لا يُمكِنُ تَفريقُ جَمعِهم إلَّا بقتالِهم، فإنْ كانَوا آحادًا لا يَمتنعونَ استُوفيَتْ منهُم الحُقوقُ ولم يُقاتَلُوا، وهذا عندَ جَماهيرِ العُلماءِ.
قالَ الشافِعيُّ ﵀: قتَلَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ مُلجمٍ عليًّا رِضوانُ اللهِ عليهِ مُتأوِّلًا فأُقيدَ به، يَعني: أنه لمَّا انفَردَ ولم يَمتنعْ بعَددٍ لم يُؤثِّرْ تأويلُه في أخذِ القَودِ منه.
الشَّرطُ الثَّاني: أنْ يَعتزِلُوا عن دارِ أهلِ العَدلِ بدارٍ يَنحازونَ إليها ويَتميَّزونَ بها، كأهلِ الجَملِ وصِفِّينَ، فإنْ كانوا على اختِلاطِهم بأهلِ العَدلِ ولم يَنفَردوا عنهم لم يُقاتَلوا، وهذا نَصَّ عليهِ الشافِعيةُ.