اختَلفَ الفُقهاءُ في المُدةِ التي يَصحُّ أنْ يُصالِحَ الإمامُ الكُفارَ عليها، هل يَجوزُ أنْ يُصالِحَهم مُطلَقًا من غيرِ مُدةٍ أو بمُدةٍ مُحدَّدةٍ؟ وما هي؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه تَجوزُ المُوادَعةُ على الإطلاقِ إذا كانَت مُدةً مَعلومةً مُعيَّنةً ولو زادَت على أكثَرَ من عَشرِ سِنينَ، إذا كانَ بالمُسلِمينَ حاجةٌ إليها على ما يَراه الإمامُ مِنْ المَصلَحةِ؛ لأنَّ تَحقيقَ المَصلَحةِ والخَيرِ لا يَتوقَّتُ بمُدةٍ دونَ مُدةٍ، ولأنَّه عَقدٌ يَجوزُ في العَشرِ جازَت الزِّيادةُ عليها كعَقدِ الإجارةِ، والعامُّ مَخصوصٌ في العَشرِ لمَعنًى مَوجودٍ فيما زادَ عليها، وهو أنَّ المَصلَحةَ قد تَكونُ في الصُّلحِ أكثَرَ منها في الحَربِ.
وقالَ المالِكيةُ: لا حَدَّ لمُدةِ المُهادَنةِ بطُولٍ أو قِصَرٍ بل على حسَبِ اجتِهادِ الإمامِ وعلى قَدْرِ الحاجةِ، ولا تَصحُّ أنْ تَكونَ على التأبيدِ ولا على الإبهامِ، بل لا بدَّ أنْ تَكونَ مُدةً مُعيَّنةً لكنْ غيرَ مُحدَّدةٍ بطُولٍ أو قِصَرٍ وإنَّما حسَبَ ما يَراه الإمامُ، ونُدبَ ألَّا تَزيدَ المُدةُ على أربَعةِ أشهُرٍ إلا مع العَجزِ