للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : وفي إِجماعِ الجُمهورِ مِنْ الفُقهاءِ على أنَّ المُسافِرَ إذا دخَلَ في صَلاةِ المُقيمِينَ فأدرَكَ منها رَكعةً أنَّه يَلزمُه أربَعٌ، دَليلٌ واضِحٌ على أنَّ القَصرَ رُخصةٌ؛ إذ لو كانَ فَرضُه رَكعَتينِ لم يَلزمْه أربَعٌ بحالٍ، ورَوى بإِسنادِه عن عَطاءٍ عن عائشةَ: «أَنَّ رَسولَ اللهِ كانَ يُتمُّ في السَّفرِ وَيَقصُرُ» (١).

ثم إنَّ جُمهورَ الفُقهاءِ المالِكيةَ والشافِعيةَ والحَنابلَةَ يَرَونَ أنَّ القَصرَ أفضَلُ مِنْ الإِتمامِ، أمَّا الحَنفيةُ فإنَّ هذا (أي: القَصرَ) هو الأصلُ عندَهم (٢).

شَرائطُ القَصرِ:

يَقصُرُ المُسافِرُ الصَّلاةَ الرُّباعِيَّةَ إلى رَكعَتينِ إذا تَوافَرتِ الشَّرائطُ الآتيةُ:

الأُولى: نيَّةُ السَّفرِ: وهي شَرطٌ عندَ جَميعِ الفُقهاءِ كما سبَقَ.

قالَ ابنُ هُبيرةَ : واتَّفَقُوا على أنَّه إذا سافَرَ لا يَقصِدُ جِهةً مُعيَّنةً أنَّه لا يُرخَّصُ، إلا ما حُكيَ عن أَبي حَنيفةَ أنَّه إذا كانَ على هذه الحالِ، ثم سارَ مَسيرةَ ثَلاثةِ أيَّامٍ يَقصُرُ الصَّلاةَ بعدَ ذلك (٣).


(١) رواه ابن أبي شيبة في «المُصنَّف» (٢/ ٢٠٦)، والدَّارقطنيُّ (٦/ ١٨٩)، وقالَ: إسنادُه صَحيحٌ. وقال شَيخُ الإسلام: هو كَذبٌ على رَسولِ اللهِ . «الفتاوى» (٢٤/ ١٥٣)، و «الإرواء» (٣/ ٣، ٩).
(٢) «التَّمهيد» (١٦/ ٣١١)، و «معاني الآثار» (١/ ٣٠٦)، و «الشرح الصغير» (١/ ٣١١)، و «بداية المجتهد» (١/ ٢٣٧)، و «المجموع» (٥/ ٤٣٨، ٤٤٠)، و «المغني» (٢/ ٤٩٥)، و «الإنصاف» (٢/ ٣٢١، ٣٢٢)، و «الإفصاح» (١/ ٢١٩).
(٣) «الإفصاح» (١/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>