والثالثُ: كيفَما كانَتْ، له فئةٌ أو لم تَكنْ، لَحِقَ بدارِ الحربِ أو لم يَلحقْ.
واختُلفَ في المُحارِبِ إذا امتَنعَ فأمَّنَه الإمامُ على أنْ يَنزلَ، فقيلَ: له الأمانُ ويَسقطُ عنه حَدُّ الحِرابةِ، وقيلَ: لا أمانَ له؛ لأنه إنما يُؤمَّنُ المُشركُ.
وأما ما تُسقِطُ عنه التَّوبةُ فاختَلفوا في ذلكَ على أربَعةِ أقوالٍ:
أحَدُها: أنَّ التوبةَ إنما تُسقِطُ عنه حَدَّ الحِرابةِ فقطْ، ويُؤخَذُ بما سِوى ذلكَ مِنْ حُقوقِ اللهِ وحُقوقِ الآدميِّينَ، وهو قَولُ مالكٍ.
والقَولُ الثاني: أنَّ التوبةَ تُسقِطُ عنه حَدَّ الحِرابةِ وجَميعَ حُقوقِ اللهِ مِنْ الزِّنا والشَّرابِ والقَطعِ في السرقةِ، ويُتبعُ بحُقوقِ الناسِ مِنْ الأموالِ والدماءِ، إلا أنْ يَعفوَ أولياءُ المَقتولِ.
والثالثُ: أنَّ التوبةَ تَرفعُ جَميعَ حُقوقِ اللهِ، ويُؤخَذُ بالدماءِ وفي الأموالِ بما وُجدَ بعَينِه في أيدِيهم، ولا تُتبعُ ذِمَمُهم.
اتَّفقَ أهلُ العِلمِ على مَنْ ارتَكبَ حَدًّا مِنْ حُدودِ اللهِ كالزنا واللِّواطِ والسَّرقةِ وشُربِ الخَمرِ ثم تابَ بعدَ القُدرةِ عليه أنه لا يَسقطُ عنه حَدٌّ مِنْ هذهِ الحُدودِ وتُقامُ عليهِ.