للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِباداتِ، ويُستحَبُّ عَقدُه في المَساجِدِ، وقَد جاءَ في الآثارِ الجَوابُ: «مَنْ شهِد إملاكَ مُسلِمٍ فكَأنَّما شهِد فَتحًا في سَبيلِ اللَّهِ»، ولِهذا وجَب في أحَدِ القولَيْنِ في مَذهبِ أحمدَ وغيرِه، أنْ يَعقِدَ بالعَربيَّةِ، كالأذكارِ المَشروعةِ، وإذا كانَ كَذلك لَم يُتَّبَعْ أنْ يَكونَ الكافِرُ مُتوَليًا لِنِكاحِ مُسلِمٍ، ولكنْ لا يَظهَرُ مَع ذلك أنَّ العَقدَ باطِلٌ؛ فإنَّه ليسَ على بُطلانِه دَليلٌ شَرعيٌّ، والكافِرُ يَصحُّ مِنه النِّكاحُ، وليسَ هو مِنْ أهلِ العِباداتِ، واللَّهُ أعلَمُ (١).

٥ - تَوكيلُ المُسلِمِ الكافِرَ في الطَّلاقِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ تَوكيلِ المُسلِمِ كافِرًا في طَلاقِ زَوجَتِه، هَلْ يَصحُّ أو لا؟

فَذهَب الشَّافِعيَّةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَصحُّ تَوكيلُ المُسلِمِ كافِرًا في طَلاقِ المُسلِمةِ؛ لأنَّه قَدْ يُتَصَوَّرُ وُقوعُ طَلاقِ كافِرٍ على مُسلِمةٍ، بأنْ تُسلِمَ أوَّلًا ويَتَخَلَّفَ ثم يُطلِقَها في العِدَّةِ ثم يُسلِمَ قبلَ انقِضائِها؛ فإنَّ طَلاقَه واقِعٌ عليها.

وفي وَجْةٍ آخَرَ أنَّه لا يَملِكُ طَلاقَ مُسلِمةٍ، لكنْ يَملِكُ طَلاقًا في الجُملةِ (٢). وهو ما يُفهَمُ مِنْ كَلامِ المالِكيَّةِ الذين مَنَعوا تَوكيلَه في البَيعِ والشِّراءِ والتَّقاضِي، وأجازوه في قَبولِ النِّكاحِ لِمُسلِمٍ (٣).


(١) «مجموع الفتوى» (٣٢/ ١٧، ١٨)، و «الفتاوى الكبرى» (٤/ ١٠٥، ١٠٦).
(٢) «الحاوي الكبير» (٦/ ٥٠٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٩٥)، و «الأشباه والنظائر» (٢٩٣).
(٣) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٦٧)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٧٦)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ٨١)، و «منح الجليل» (٦/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>