للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: رَأى شيئًا مَطروحًا على الأَرضِ فدفَعَه برِجلِه ليَعرفَ جِنسَه أو قَدْرَه ولَم يَأخذْه حتى ضاعَ لَم يَضمنْه؛ لأنَّه لَم يَحصلْ في يدِه (١).

إذا أخَذَ اللُّقطةَ بنيَّةِ الخِيانةِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ كما تقدَّمَ على أنَّ المُلتقِطَ إذا أخَذَ اللُّقطةَ بنيَّةِ الأَمانةِ والحِفظِ على صاحِبِها وأَشهدَ عليها فإنَّها أَمانةٌ في يدِه لا يَضمنُها إذا تلِفَت بغيرِ تَعدٍّ ولا تَفريطٍ.

وأمَّا لو أخَذَ اللُّقطةَ ابتِداءً بنيَّةِ الخِيانةِ بأنْ التقَطَها عازِمًا على تملُّكِها بغيرِ تَعريفٍ فقد فعَلَ مُحرَّمًا باتِّفاقِ العُلماءِ، ولا يَحلُّ له أَخذُها بهذه النِّيةِ، فإذا أخَذَها لزِمَه ضمانُها، سَواءٌ تلِفَت بتَفريطِه أو بغيرِ تَفريطٍ؛ لما رُويَ عن رَسولِ الله أنَّه قالَ: «لا يَأوي الضَّالةَ إلا ضَالٌّ» (٢). والمُرادُ أنْ يَضمَّها إلى نفسِه لأَجلِ نفسِه لا لأَجلِ صاحِبِها بالردِّ عليه؛ لأنَّ الضمَّ إلى نفسِه لأَجلِ صاحِبِها ليسَ بحَرامٍ، ولأنَّه أخَذَ مالَ الغيرِ بغيرِ إذنِه لنفسِه فيَكونَ بمَعنى الغَصبِ (٣).


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٢٣).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٧٠٢)، وابن ماجه (٢٥٠٣)، وأحمد (٤/ ٣٦٠، ٣٦٢)، و «غيرُهم من حديثِ جريرِ بن عبدِ اللهِ وأخرجه مسلم (١٧٢٥) عن زيدِ بنِ خالدٍ الجُهنيِّ بلفظ: «مَنْ آوى ضالَّةً فهو ضالٌّ ما لَم يَعرفْه».
(٣) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠٠)، و «الهداية» (٢/ ١٧٥)، و «العناية» (٨/ ٢٠١)، و «الاختيار» (٣/ ٣٧)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٣٠١)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٨٨)، و «اللباب» (١/ ٦٦١)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٤، ٣٥)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٣٠، ٣١)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٢٣، ١٢٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٢٦، ٥٢٧)، و «منح الجليل» (٨/ ٢٣٠)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣٥، ٣٦)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٢٨)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٢١٥)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥١٣)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٦٢٧)، و «الديباج» (٢/ ٥٥٩)، و «المغني» (٦/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>