اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الظِّهارَ يَكونُ مِنْ الرَّجلِ، فإذا قالَ الزوجُ لزَوجتِه:«أنتِ عَليَّ كظَهرِ أمِّي» صارَ مُظاهِرًا.
واتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ أيضًا -إلا رِوايةً عنِ الإمامِ أحمَدَ- على أنَّ المرأةَ إذا قالَتْ لزَوجِها:«أنتَ عليَّ كظَهرِ أبِي» أو قالَتْ: «إنْ تَزوَّجتُ فُلانًا فهو عليَّ كظَهرِ أبِي» فليسَ ذلكَ بظِهارٍ؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ [المجادلة: ٣]، فهذا خِطابٌ للذُّكورِ دُونَ الإناثِ فخَصَّهُم بذلكَ، ولأنه قولٌ يُوجِبُ تَحريمًا في الزوجةِ يَملِكُ الزوجُ رفْعَه، فاختصَّ بهِ الرَّجلُ كالطلاقِ، ولأنَّ الحِلَّ في المَرأةِ حقٌّ للرَّجلِ، فلَم تَملكِ المَرأةُ إزالتَه كسائرِ حُقوقِه، ولأنها يَمينٌ يَحرمُ بها الوَطءُ بالقَولِ، فلم يَصحَّ مِنْ المَرأةِ كالإيلاءِ، ولأنه قَولٌ مِنْ غَيرِ الزوجِ المالِكِ للوَطءِ كالأجنَبيِّ، ولأنَّ كلَّ مَنْ لم يَكنْ له أنْ يُطلِّقَ بحالٍ لم يَكنْ له أنْ يُظاهِرَ، كالأجنَبيةِ (١).
(١) «أحكام القرآن» للجصاص (٥/ ٣١٠، ٣١١)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٤٩١، ٤٩٢)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ٢٥٢)، و «الاستذكار» (٦/ ٥٥، ٥٦)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٤٨٢، ٤٨٣)، رقم (١٣٠٤)، و «الأم» (٥/ ٢٧٨)، و «المهذب» (٢/ ١١٣)، و «البيان» (١٠/ ٣٤٦)، و «المغني» (٨/ ٣٤)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥١٥)، و «المبدع» (٨/ ٣٧)، و «الإنصاف» (٩/ ٢٠٠، ٢٠١)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٣٢، ٤٣٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٤٥٠، ٥٤١)، و «منار السبيل» (٣/ ١٣٦، ١٣٧).