للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحَنابِلةُ: شَركةُ الأبدانِ على ضَربَيْن: أحَدُهما: أنْ يَشتركَ اثنان أو أكثَرُ فيما يَتقبَّلانِ ببَدَنَيْهما في ذِمَمِهما مِنَ العَملِ كالصُّنَّاعِ يَشترِكون على أنْ يَعمَلوا في صِناعاتِهم فيما رزَق اللهُ تَعالى، فهو بينَهم.

والضَّربُ الثاني: أنْ يَشترِكا في تَملُّكِ المُباحاتِ؛ كاحتِشاشِ واصطيادٍ وتَلصُّصٍ على دارِ الحَربِ ونَحو ذلك، كسَلبِ مَنْ يَقتُلانِه بدارِ حَربٍ (١).

حُكمُ شَركةِ الأبدانِ أو الصَّنائعِ:

اختلَف الفُقهاءُ في حُكمِ شَركةِ الأبدانِ هل هي جائِزةٌ أو لا؟

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ، الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ شَركةَ الأبدانِ جائِزةٌ إذا اتَّفقتِ الصَّنعةُ، كحَدَّادٍ مع حَدَّادٍ، ونَجَّارٍ مع نَجَّارٍ، وهكذا.

ودَليلُ جَوازِ هذه الشَّركةِ: ما رَواه أبو عُبيدةَ عن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ قال: «اشْترَكْتُ أنا وعَمَّارٌ وسَعْدٌ فِيما نُصِيبُ يَومَ بَدْرٍ، قال: فجَاءَ سَعْدٌ بِأسِيرَيْنِ، ولَمْ أجِئْ أنا وعَمَّارٌ بِشَيْءٍ» (٢).

ولأنَّ العَملَ مما يَجوزُ المُضاربةُ عليه، فجازت الشَّركةُ عليه مِنْ جِهتِهما كالمالِ، ولأنَّه أحَدُ أصلَيْ عَقدِ القِراضِ كالمالِ، ولأنَّ المَقصودَ


(١) «المغني» (٥/ ٤)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦١٨، ٦١٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٩١، ٥٩٢).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٣٣٨٨)، والنسائي (٣٩٣٧، ٤٦٩٧)، والدارقطني (٣/ ٣٤)، وابن ماجه (٢٢٨٨)، وابن أبي شيبة (٧/ ٣٦٥)، بإسناد منقطع فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>