للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : أجمَعُوا على أخذِه منهُ إذا وُجدَ بعَينِه (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : لا يَختلفُ أهلُ العِلمِ في وُجوبِ رَدِّ العَينِ المَسروقةِ على مالكِها إذا كانَتْ باقيةً (٢).

إذا تَلفَ المسروقُ عندَ السارقِ هل يَضمنُه أم لا؟

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو تَلفَ المَسروقُ عندَ السارقِ، هل يَجبُ عليه ضَمانُه إذا قُطعَ؟ أم لا يَجبُ عليهِ ولا يَجتمعُ الغُرمُ مع القَطعِ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنه لا يَجبُ الضَّمانُ والقَطعُ في سَرقةٍ واحِدةٍ، حتَّى لو هلَكَ المَسروقُ في يَدِ السارقِ بعدَ القَطعِ أو قبلَه لا ضَمانَ عليهِ، والدَّليلُ عليه الكِتابُ والسُّنةُ والمَعقولُ.

أمَّا الكِتابُ العَزيزُ: فقَولُه : ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا﴾ [المائدة: ٣٨]، والاستِدلالُ بالآيةِ مِنْ وَجهينِ:

أحَدُهما: أنَّ اللهَ سمَّى القَطعَ جَزاءً، والجَزاءُ يُبنَى على الكِفايةِ، فلو ضُمَّ إليهِ الضَّمانُ لم يَكنِ القَطعُ كافِيًا فلم يَكنْ جَزاءً تَعالَى اللهُ سُبحانَه عَزَّ شأنُه عن الخُلفِ في الخبَرِ.

والثَّاني: أنه جعَلَ القَطعَ كُلَّ الجَزاءِ؛ لأنه عَزَّ شَأنُه ذكَرَه ولم يَذكرْ غيرَه، فلو أوجَبْنَا الضمانَ لَصارَ القَطعُ بعضَ الجَزاءِ، فيَكونُ نَسخًا لنَصِّ الكِتابِ العَزيزِ.


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٣٣٩).
(٢) «المغني» (٩/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>