للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ماتَ المُوصَى له بعدَ قَبولِ الوَصيةِ:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على أنَّ المُوصَى له إذا قبِلَ الوَصيةَ بعدَ مَوتِ المُوصي ثم ماتَ فقد ملَكَ الوَصيةَ وانتقَلَت إلى وَرثتِه سَواءٌ قبَضَها المُوصَى له في حَياتِه أو لا؛ لأنَّ القَبضَ ليسَ بشَرطٍ في تَملُّكِ الوَصيةِ (١).

إذا ماتَ المُوصَى له قبلَ أنْ يَقبلَ أو يَردَّ الوَصيةَ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو ماتَ المُوصَى له قبلَ أنْ يَقبلَ أو يَردَّ الوَصيةَ هل يَقومُ وارِثُ المُوصَى له مَقامَه في القَبولِ أو الرَّدِّ أو تَبطلُ الوَصيةُ بذلك أو تَنتقِلُ الوَصيةُ إلى وارِثِه وتَدخلُ في مِلكِه بغيرِ قَبولٍ منه؟ على ثَلاثةِ أَقوالٍ:

القَولُ الأولُ: أنَّ المُوصَى له إذا ماتَ قبلَ أنْ يَقبلَ أو يَردَّ قامَ وارِثُه في ذلك مَقامَه، إذا كانَ مَوتُه بعدَ مَوتِ المُوصي، وإلى هذا ذهَبَ المالِكيةُ في المَذهبِ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ؛ لعُمومِ قَولِ النَّبيِّ : «مَنْ ترَكَ حَقًّا فلوَرثتِه» (٢)، والقَبولُ حَقٌّ للمُورِّثِ فثبَتَ للوارِثِ كبَقيةِ الحُقوقِ، ولأنَّ ما استحَقَّه في التَّركةِ لم يَسقُطْ بالمَوتِ كالدَّينِ، ولأنَّ كلَّ سَببٍ استحَقَّ به تَملُّكَ عَينٍ بغيرِ اختِيارِ مالِكِها لم يَبطُلْ بمَوتِه قبلَ تَملُّكِها كالرَّدِّ بالعَيبِ.


(١) «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٨٠)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٢٥٧)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٨٩)، وباقي المَصادِر السَّابقَة.
(٢) أخرجه البخاري (٦٣٥٠)، ومسلم (١٦١٩) بلفظِ: «مَنْ ترَكَ مالًا فلوَرثتِه».

<<  <  ج: ص:  >  >>