للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِقرارُ بالنَّسبِ:

اتَّفقَ أهلُ العِلمِ على أنَّه يَصحُّ إِلحاقُ النَّسَبِ وإِقرارُ الوَرثةِ بوارِثٍ يُشارِكُهم في المِيراثِ بشُروطٍ:

الأوَّلُ: أنْ يُصدِّقَه الشَّرعُ: بأنْ يَكونَ المُقَرُّ به مَجهولَ النَّسَبِ، فإنْ كانَ مَشهورَ النَّسبِ لا يَصِحُّ.

الثاني: أنْ يُصدِّقَه الحِسُّ: بأنْ يَكونَ المُقَرُّ به مُحتمَلَ الثُّبوتِ مِنْ نَسبِ المُقِرِّ، بأنْ يَكونَ مِمَّنْ يُولَدُ مِثلُ المُقَرِّ به لمِثلِ المُقِرِّ، وذلك في سَنٍّ تَسمَحُ بأنْ يَكونَ ابنًا للمُقِرِّ، فإنِ استُلحِقَ مَنْ هو أكبَرُ منه أو مَنْ في سِنِّه لا يَصحُّ؛ لأنَّ الحِسَّ يُكذِّبُه.

الثالِثُ: أنْ يُصدِّقَه المُقَرُّ له في إِقرارِه إنْ كانَ أهلًا للتَّصديقِ، بأنْ يَكونَ بالِغًا عاقِلًا عندَ الجُمهورِ، ومُمَيِّزًا عندَ الحَنفيةِ.

الرابِعُ: ألا يَكونَ فيه حَملُ النَّسَبِ على الغَيرِ: فإذا ادَّعَتِ المَرأةُ نَسبَ وَلدٍ لا تُصدَّقُ إلا ببَيِّنةٍ عندَ الجُمهورِ -كما سَيأتي بَيانُه- وكذا الأخُ، سَواءٌ كذَّبَه المُقَرُّ له أو صدَّقَه؛ لأنَّ إِقرارَ الإِنسانِ حُجةٌ قاصِرةٌ على نَفسِه، لا على غَيرِه؛ لأنَّه على غَيرِه شَهادةٌ أو دَعوى، وشَهادةُ الفَردِ فيما لا يَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ غيرُ مَقبولةٍ، والدَّعوى المُفرَدةُ ليسَت بحُجةٍ، فإذا ثبَتَ جَرَت عليه جَميعُ أَحكامِ البُنوةِ النَّسَبيةِ، ومنها التَّوارُثُ بينَهما (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٢٨، ٢٢٩)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٤٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٠٨، ١٠٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٣٢)، و «البيان» (١٣/ ٤٧٥، ٤٧٦)، و «المغني» (٥/ ١١٦، ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>