للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالعَدلِ والإِحسانِ، ولأنَّه إِحياءُ مَعصومٍ وإِنقاذٌ له مِنْ التَّلفِ فوجَبَ كإِنقاذِ الغَريقِ، ولا يَرجعُ المُنفقُ بما أنفَقَه عليه؛ لأنَّها فَرضُ كِفايةٍ، إذا قامَ بها البعضُ سقَطَت عن الباقِينَ لحُصولِ المَقصودِ، وإنْ ترَكَ الكلُّ أثِمُوا، ولأنَّها وجَبَت للمُواساةِ فهي كنَفقةِ القَريبِ وقِرى الضَّيفِ (١).

قالَ الحَنفيةُ: فإذا ادَّعى بعدَ بُلوغِه أنَّه أنفَقَ عليه كذا وصدَّقَه اللَّقيطُ في ذلك رجِعَ عليه به، وإنْ كذَّبَه فالقَولُ قَولُ اللَّقيطِ، وعلى المُدَّعي البَينةُ؛ لأنَّه يَدَّعي لنَفسِه دَينًا في ذِمتِه، وهو ليسَ بأَمينٍ في ذلك، وإنما يَكونُ أَمينًا فيما يَنفي به الضَّمانَ عن نَفسِه، فلهذا كانَ عليه إِثباتُ ما يدَّعيه بالبَينةِ، وشَهادةُ اللَّقيطِ بعدما أدرَكَ جائِزةٌ إذا كانَ عَدلًا؛ لأنَّه حُرٌّ مُسلِمٌ فيَكونُ مَقبولَ الشَّهادةِ في الأَمورِ كلِّها إذا ظهَرَت عَدالتُه (٢).

الثانِي: أنْ يُنفقَ عليه مُحتسِبًا الرُّجوعَ بغيرِ إِذنِ الحاكِمِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أنفَقَ المُلتقِطُ على اللَّقيطِ مُحتسِبًا الرُّجوعَ عليه بغير إِذنِ الحاكِمِ، هل يَرجعُ عليه أم لا؟


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٤/ ٣٥٠، ٣٥١)، و «التمهيد» (٣/ ١٢٨، ١٢٩)، و «الكافي» (١/ ٤٨٤)، و «تفسير القرطبي» (٩/ ١٣٥)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٥)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٣١، ١٢٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٣٤، ٥٣٥)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٤٤، ٤٥)، و «الإشراف» (٦/ ٣٦٠)، و «المغني» (٦/ ٣٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٧٧)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٣٤٤).
(٢) «المبسوط» (١٠/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>