للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسقطَ النَّفيُ إذا لم تَجدْ مَحرمًا كما يَسقطُ سَفرُ الحجِّ إذا لم يَكنْ لها مَحرمٌ، فإنَّ تَغريبَها إغراءٌ لها بالفُجورِ وتَعريضٌ لها للفِتنةِ، وعُمومُ الحَديثِ مَخصوصٌ بعُمومِ النهيِ عن سَفرِها بغيرِ مَحرمٍ (١).

وقالَ الإمامُ الزَّركشيُّ : فالرَّجلُ يُنفَى إلى مَسافةِ القَصرِ بلا رَيبٍ، وكذلكَ المرأةُ إذا كانَ معَها مَحرمُها، ومع تعذُّرِه هل تُنفَى إلى مَسافةِ القَصرِ لِمَا تقدَّمَ؟ أو إلى ما دُونَها لحَديثِ: «لا تُسافر مَسيرةَ يومٍ إلا مع ذِي مَحرمٍ»؟ على رِوايتَينِ، هذهِ طَريقةُ القاضي في الرِّوايتَينِ، وأبي مُحمدٍ في «المُغنِي»، وجعَلَ أبو الخطَّابِ في «الهِداية» الرِّوايتينِ فيها مُطلَقًا، سواءٌ نُفيَتْ مع مَحرمِها أو بدُونِه، وتَبِعَه على ذلكَ أبو مُحمدٍ في «الكافي» و «المقنع»، وعكَسَ أبو البَركاتِ طَريقةَ «المغني»، فجعَلَ الرِّوايتينِ فيها فيما إذا نُفيَتْ مع مَحرمِها، أمَّا بدُونِه فإلى ما دُونَها قولًا واحدًا (٢).

إقامةُ الحَدِّ على الحامِلِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الحَدَّ لا يُقامُ على الحامِلِ مِنْ زَنًى أو غيرِه حتَّى تضَعَ حمْلَها؛ لِما رواهُ سُليمانَ بنُ بُريدةَ عن أبيهِ قالَ: « … ثمَّ جاءَتْه امرأةٌ مِنْ غامِدٍ مِنْ الأَزْدِ فقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ طَهِّرْني، فقالَ: ويحَكِ ارجعِي فاستَغفرِي اللهَ وتُوبي إليه، فقالَتْ: أراكَ تُريدُ أنْ تُردِّدَني كما رَدَّدتَ ماعزَ بن مالكٍ، قالَ: وما ذاكِ؟ قالَتْ إنها حُبلَى مِنْ الزنى، فقال: آنتِ؟

قالَتْ: نعمْ،


(١) «المغني» (٩/ ٤٦).
(٢) «شرح الزركشي» (٣/ ١٠٣)، و «كشاف القناع» (٦/ ١١٨)، و «منار السبيل» (٣/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>