للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَكالة في العارِيةِ:

ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشَّافِعيَّةُ وغيرُهم إلى أنَّه يَصحُّ التَّوكيلُ في العاريةِ؛ لأنَّ الوَكيلَ هُنا سَفيرٌ مَحضٌ، والسَّفيرَ حاكٍ قولَ غيرِه، ومَن حَكَى قولَ غيرِه لا يَلزَمُه حُكمُ ذلك القَولِ، كَمَنْ حَكَى قَذْفَ غيرِه؛ فإنَّه لا يَكونُ قاذِفًا، ومَن حَكَى كُفرَ غيرِه لا يَكونُ كافرًا (١). وهو أيضًا مَفهومُ مَذهبِ المالِكيَّةِ والحَنابِلةِ؛ فقَد نَصُّوا على أنَّها جائِزةٌ في سائِرِ العُقودِ، وإنْ لَم يَنُصُّوا على العاريةِ.

قالَ ابنُ رُشدٍ : شَرْطُ مَحَلِّ التَّوكيلِ أنْ يَكونَ قابِلًا لِلنِّيابةِ، مثلَ البَيعِ والحَوالةِ والضَّمانِ وسائِر العُقودِ والفُسوخِ (٢).

وقالَ ابنُ الحاجِبِ : الوَكالةُ نِيابةٌ فيما لا تَتعيَّنُ فيه المُباشَرةُ، فتَجوزُ في الكَفالةِ والوَكالةِ والحَوالةِ والجَعالةِ والنِّكاحِ والطَّلاقِ والخُلعِ والصُّلحِ.

وكذلك أنواعُ البَيعِ والشَّرِكةِ والمُساقاةِ، وسائِرُ العُقودِ والفُسوخِ (٣).

وقالَ الحَنابِلةُ: يَصحُّ التَّوكيلُ في كلِّ حَقٍّ آدَمِيٍّ مِنْ العُقودِ؛ لأنَّه


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٣)، و «الهداية» (٣/ ١٣٨)، و «الاختيار» (٢/ ١٩١)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٧١)، و «البيان» (٦/ ٣٩٧)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٠)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٣).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٢٢٦).
(٣) «التاج والإكليل» (٤/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>