للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُهدةِ الإحدادِ، وصرَّحَتْ كلٌّ منهُما بأنها لم تَتطيبْ لحاجةٍ؛ إشارةً إلى أنَّ آثارَ الحُزنِ باقيةٌ عندَها، لكنَّها لم يَسَعْها إلا امتثالُ الأمرِ (١).

وأجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنه لا إحدادَ على الرَّجلِ إذا ماتَتْ زَوجتُه.

الحِكمةُ مِنْ مَشروعيةِ الإحدادِ:

الحِكمةُ في مَشروعيةِ الإحدادِ تَنفيرُ الأجانبِ عن التطلُّعِ للمُفارَقةِ، فوجَبَ في مُعتدةِ الوَفاةِ لعَدمِ وُجودِ مَنْ يُدافعُ عن النسبِ، وسُنَّ في البائنِ لوُجودِه، ولم يُشرعْ في الرَّجعيةِ لعَدمِ التطلُّعِ لها غالبًا مع كَونِها زَوجةً في كَثيرٍ مِنْ الأحكامِ (٢).

وإنما شُرعَ الإحدادُ لأنه يَمنعُ تَشوُّفَ الرَّجلِ إليها؛ لأنها إذا تَزيَّنتْ يُؤدِّي إلى التشوُّفِ، وهو يُؤدِّي إلى العَقدِ عليها في العدَّةِ، وهو يُؤدِّي إلى الوَطءِ، وهو يُؤدِّي إلى اختِلاطِ الأنسابِ وهو حَرامٌ، وما أدَّى إلى الحَرامِ حَرامٌ (٣).

الحِكمةُ في وُجوبِ إحدادِ المرأةِ على زَوجِها أكثَرَ ممَّا تُحِدُّ على أبيها وأمِّها وابنِها:

قالَ ابنُ القيِّمِ : ومنَع المَرأةَ مِنْ الإحدادِ على أمِّها وأبيها فوقَ ثَلاثٍ وأوجَبَه على زَوجِها أربَعةَ أشهُرٍ وعَشرًا وهو أجنبيٌّ، فيُقالَ: هذا مِنْ تَمامِ مَحاسنِ هذهِ الشَّريعةِ وحِكمتِها ورِعايتِها على أكمَلِ الوُجوهِ؛ فإنَّ


(١) «فتح الباري» (٩/ ٤٨٧).
(٢) «حواشي الشرواني على تحفة المنهاج» (١٠/ ٥٣).
(٣) «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>