للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحفَظوا فقدْ فرَّطُوا، والتَّفريطُ منهُم ذَنبٌ، ولأنَّ القاتلَ إنما يَقتلُ بظَهرِ عَشيرتِه، فكانُوا كالمُشارِكينَ له في القتلِ، ولأنَّ الدِّيةَ مالٌ كَثيرٌ، فإلزامُ الكُلِّ القاتِلَ إجحافٌ به، فيُشاركُه العاقِلةُ في التحمُّلِ تَخفيفًا، وهو مُستحِقُّ التَّخفيفِ؛ لأنه خاطئٌ، وبهذا فارَقَ ضَمانَ المالِ؛ لأنَّ ضَمانَ المالِ لا يَكثرُ عادةً، فلا تَقعُ الحاجةُ إلى التَّخفيفِ، وما دُونَ نِصفِ عُشرِ الدِّيةِ حُكمُه حُكمُ ضَمانِ الأموالِ (١).

مِقدارُ ديَةِ قَتلِ الخَطأِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ ديَةَ قَتلِ الخَطأِ إذا كانَتْ ستُخرَجُ مِنْ الإبلِ مِائةٌ؛ لقَولِ النبيِّ : «إنَّ في النَّفسِ مِائةً مِنْ الإبلِ» (٢).

قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : إجماعُهم أنَّ على أهلِ الإبلِ في ديَةِ النَّفسِ إذا أُتلفَتْ خَطأً مِائةً مِنْ الإبلِ، لا خِلافَ بينَ عُلماءِ المُسلمينَ في ذلكَ، ولا يَختلفونَ أنَّ رَسولَ اللهِ جعَلَها كذلكَ (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٥٥).
(٢) رواه مالك في «الموطأ» (١٥٤٧)، والنسائي (٤٨٥٧) قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ في «التَّمهِيد» (١٧/ ٣٣٨، ٣٣٩): لا خِلافَ عن مالِكٍ في إرسالِ هذا الحَديثِ بهذا الإسنادِ، وقد رُويَ مُسنَدًا مِنْ وجهٍ صالحٍ، وهو كِتابٌ مَشهورٌ عندَ أهلِ السِّيَرِ مَعروفٌ ما فيه عندَ أهلِ العلمِ مَعرفةً تَستغني بشُهرتِها عن الإسنادِ؛ لأنه أشبَهَ التواتُرَ في مَجيئهِ؛ لتَلقِّي الناسِ له بالقَبولِ والمَعرفةِ.
(٣) «التمهيد» (١٧/ ٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>