للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالةُ السَّابِعةُ: الِاختِلافُ في قَبضِ الدَّيْنِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو وكَّل المُوكِّلُ وَكيلًا في قَبْضِ دَيْنٍ له، فادَّعى الوَكيلُ أنَّه قَبَضَه، وتَلِفَ، وأنكَرَ المُوكِّلُ القَبضَ والتَّلفَ، هَلِ القَولُ قَولُ الوَكيلِ، أو قَولُ المُوكِّلِ؟

فَذهَب الحَنفيَّةُ إلى أنَّ القولَ قَولُ الوَكيلِ؛ لأنَّه أمينٌ، قالوا: وإنْ وكَّله بقَبضِ دَيْنٍ له على أجنَبِيٍّ فقالَ: قَدْ قَبَضتُه ودَفَعتُه إليه، فهو مُصَدَّقٌ، والمَطلوبُ أُبْرِئَ (١).

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: إذا وكَّله بقَبضِ دَينٍ فقالَ: قَبَضتُه، وأنكَرَ المُوكِّلُ، نُظر: إنْ قالَ قَبَضتُه وهو باقٍ في يَدي، فخُذْه، لَزِمَه أخْذُه، ولا معنَى لِهذا الِاختِلافِ.

وإنْ قالَ: قَبَضتُه وتَلِفَ في يَدي، فالقَولُ قَولُ المُوكِّلِ مَع يَمينِه على نَفْيِ العِلمِ بقَبضِ الوَكيلِ؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ حَقِّه، هذا هو المَذهبُ.

وقيلَ بطَردِ الخِلافِ في اختِلافِهِما في البَيعِ ونحوِه.

فَعلَى المَذهبِ إذا حلَف المُوكِّلُ أخَذَ حَقَّه ممَّن كانَ عليه، ولا رُجوعَ له على الوَكيلِ؛ لِاعتِرافِه بأنَّه مَظلومٌ (٢).


(١) «المبسوط» (١٩/ ٧٥)، و «البحر الرائق» (٧/ ١٦٧)، و «ابن عابدين» (٥/ ٥٣٠)، و «الهندية» (٤/ ١٨١).
(٢) «روضة الطالبين» (٣/ ٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>