للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالَةُ الثالِثةُ: أنْ يَكونَ مَعلومَ الابتِداءِ مَجهولَ الانتِهاءِ (مُتَّصِلَ الأولِ مُنقطِعَ الآخِرِ):

اختَلفَ الفُقَهاءُ فيما لو كانَ الوَقفُ مَعلومَ الابتداءِ مَجهولَ الانتِهاءِ، مثلَ أنْ يَقولَ: «وَقَفتُ هذا على أولادي» ويَسكتَ وله أولادٌ، أو: «على أولادي وأولادِ أولادي ما تَناسَلوا وتَعاقَبوا»، أو على رَجلٍ بعَينِه ثم على عَقبِه، أو: على أولادي ثمَّ على مَعصيةٍ أو على ما لا يَدومُ، ولم يَزدْ على هذا ولمْ يَصرِفْه بعد انقِراضِهم على سَبيلٍ لا يَنقطعُ، هل يَصحُّ هذا الوَقفُ أم لا؟

فذهَبَ أبو حَنيفةَ ومُحمدٌ والشافِعيةُ في مُقابِلِ الأظهَرِ إلى أنَّ الوَقفَ باطِلٌ؛ لأنَّ مُقتَضى الوَقفِ التَّأبيدُ وأنْ يَتصلَ الثَّوابُ على الدَّوامِ، وهذا لا يُوجَدُ في هذا الوَقفِ؛ لأنه قد يَموتُ الرَّجلُ ويَنقطعُ عَقبُه، فلم يَصحَّ الوَقفُ كما لو كانَ مَجهولَ الابتِداءِ والانتهاءِ، ويَكونُ الوَقفُ باقِيًا على مِلكِ الواقفِ (١).

قالَ أبو حَنيفةَ ومُحمدٌ: لا يَتمُّ الوَقفُ حتى يُجعلَ آخِرُه لجِهةٍ لا تَنقطعُ أبدًا كالمَساكينِ ومَصالحِ الحَرمِ والمَساجدِ، بخِلافِ ما لو وقَفَ على مَسجدٍ مُعيَّنٍ ولم يَجعلْ آخِرَه لجِهةٍ لا تَنقطعُ، فلا يَصحُّ؛ لاحتِمالِ أنْ


(١) «المهذب» (١/ ٤٤١)، و «البيان» (٨/ ٦٨، ٦٩)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٤٥٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٦٤، ٤٦٥)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٢٨)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٥٠)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٥)، و «الديباج» (٢/ ٥٢٢، ٥٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>