اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ التِقاطِ الإِبلِ، هل يَجوزُ التِقاطُها مُطلقًا للحِفظِ وللتَّملكِ كما هو قَولُ الحَنفيةِ؟ أم يَجوزُ التِقاطُها للحِفظِ لا للتَّملكِ كما هو قَولُ الشافِعيةِ والحَنابِلةِ إذا كانَ الحافِظُ الإِمامَ وكذا آحادُ النَّاسِ على الصَّحيحِ عندَ الشافِعيةِ؟ أم لا يَجوزُ التِقاطُها مُطلقًا لا للحِفظِ ولا للتَّملكِ كما هو مَذهبُ المالِكيةِ؟
فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه يَجوزُ التِقاطُ البَعيرِ للتَّملكِ.
وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ -في الجُملةِ على تَفصيلٍ سَيأتي عندَهم- إلى أنَّه لا يَجوزُ التِقاطُ الإِبلِ، وكذا كلُّ حَيوانٍ يَقوَى على الامتِناعِ للتَّملُّكِ؛ لخبَرِ الصَّحيحينِ عن زَيدِ بنِ خالِدٍ الجُهنيِّ ﵁ قالَ: جاءَ رَجلٌ إلى رَسولِ اللهِ ﷺ فسَألَه عن اللُّقطةِ فقالَ: «اعرِفْ عِفاصَها ووِكاءَها ثُم عرِّفْها سَنةً، فإنْ جاءَ صاحِبُها وإلا فشَأنَك بها»، قالَ: فضالَّةُ الغَنمِ؟ قالَ:«هي لك أو لأَخيك أو للذِّئبِ»، قالَ فضالَّةُ الإِبلِ؟ قالَ:«ما لك ولها معَها سِقاؤُها وحِذاؤُها تَردُ الماءَ وتَأكلُ الشَّجرَ حتى يَلقاها ربُّها»(١). فنَهى عن التَّعرضِ لها، وأمَرَ بتَركِ الأَخذِ، فدَلَّ على حُرمةِ الأَخذِ.
وحِكمةُ النَّهيِ عن التِقاطِ الإِبلِ أنَّ بَقاءَها حيثُ ضلَّت أَقربُ إلى