للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: الرِّقُّ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الرَّقيقَ لا يَرثُ ولا يُورثُ وأنَّ مالَه لسيِّدِه.

قالَ الإِمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : أَجمَعوا على أنَّ العَبدَ لا يَرثُه حُرٌّ ولا عَبدٌ وأنَّ مالَه لسيِّدِه (١).

لأنَّ المِيراثَ نَوعُ تَمليكٍ، والعَبدُ لا يَملكُ، ولأنَّ مِلكَه لسيِّدِه، ولا قَرابةَ بينَ السَّيدِ والمَيتِ، فلا يَرثُ العَبدُ قَريبَه؛ لأنَّه لو ورِثَ شَيئًا لكانَ لسيِّدِه، فيَكونُ التَّوريثُ لسيِّدِه دونَه.

قالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ : لا نَعلمُ خِلافًا في أنَّ العَبدَ لا يَرثُ إلا ما رُويَ عن ابنِ مَسعودٍ في رَجلٍ ماتَ وترَكَ أَبًا مَملوكًا يُشتَرى من مالِه ثم يُعتَقُ فيَرثُ وقالَه الحَسنُ، وحُكيَ عن طاوُسٍ أنَّ العَبدَ يَرثُ ويَكونُ ما ورِثَه لسيِّدِه ككَسبِه، وكما لو وَصَّى له ولأنَّه تَصحُّ الوَصيةُ له فيَرثُ كالحَملِ.

ولنا: أنَّ فيه نَقصًا منَعَ كَونَه مَوروثًا فمنَعَ كَونَه وارِثًا كالمُرتدِّ، ويُفارقُ الوَصيةَ؛ فإنَّها تَصحُّ لمَولاه ولا مِيراثَ له وقياسُهم يَنتقِضُ بمُختَلِفي الدِّينِ.

وقَولُ ابنِ مَسعودٍ لا يَصحُّ؛ لأنَّ الأبَ رَقيقٌ حين مَوتِ ابنِه فلم يَرِثْه كسائِرِ الأَقاربِ، وذلك لأنَّ المِيراثَ صارَ لأهلِه بالمَوتِ فلم يَنتقِلْ عنهم إلى غيرِهم.

وأَجمَعوا على أنَّ المَملوكَ لا يُورثُ، وذلك لأنَّه لا مالَ له فيُورثُ؛ فإنَّه لا يَملكُ، ومَن قالَ: إنَّه يَملكُ بالتَّمليكِ فمِلكُه ناقِصٌ غيرُ مُستقِرٍّ يَزولُ


(١) «الاستذكار» (٧/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>