للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل يَجبُ عليه التَّسويةُ بينَ سائِرِ أقارِبِه وإعطاؤُهم على قَدرِ إرثِهم أو لا؟

ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّه لا يَجبُ عليه التَّسويةُ بينَ سائِرِ أَقاربِه ولا إِعطاؤُهم على قَدرِ مَواريثِهم، سَواءٌ كانوا من جِهةٍ واحِدةٍ كإِخوةٍ وأَخواتٍ وأَعمامٍ وبَني عَمٍّ، أو من جِهاتٍ كبَناتٍ وأخَواتٍ وغيرِهم.

قالَ ابنُ قُدامةَ : لأنَّها عَطيةٌ لغيرِ الأَولادِ في صِحتِه فلم تَجبْ عليه التَّسويةُ، كما لو كانوا غيرَ وارِثينَ، ولأنَّ الأصلَ إِباحةُ تَصرُّفِ الإِنسانِ في مالِه كيف شاءَ، وإنَّما وجَبَت التَّسويةُ بينَ الأَولادِ بالخبَرِ وليسَ غيرُهم في مَعناهم؛ لأنَّهم استَوَوا في وُجوبِ بِرِّ والِدِهم فاستَوَوا في عَطيتِه، وبهذا علَّلَ النَّبيُّ حين قالَ: «أيَسرُّك أن يَستَووا في بِرِّك؟» قالَ: نَعمْ. قالَ: «فسَوِّ بينَهم» ولم يُوجدْ هذا في غيرِهم، ولأنَّ للوالِدِ الرُّجوعَ فيما أعطَى وَلدَه فيُمكنُه أنْ يُسويَ بينَهم باستِرجاعِ ما أَعطاهُ لبَعضِهم ولا يُمكنُ ذلك في غيرِهم، ولأنَّ الأَولادَ لشِدةِ مَحبةِ الوالِدِ لهم وصَرفِ مالِه إليهم عادةً يَتنافَسونَ في ذلك، ويَشتدُّ عليهم تَفضيلُ بَعضِهم، ولا يُساوِيهم في ذلك غيرُهم، فلا يَصحُّ قِياسُه عليهم، ولا نَصَّ في غيرِهم، ولأنَّ النَّبيَّ قد علِمَ لبَشيرٍ زَوجةً ولم يأمُرْه بإِعطائِها شَيئًا حين أمَرَه بالتَّسويةِ بينَ أَولادِه، ولم يَسألْه: هل لك وارِثٌ غيرُ وَلدِك؟ (١).


(١) «المغني» (٥/ ٣٨٩)، و «الكافي» (٢/ ٤٦٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٣٧)، و «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٤١٦)، و «الإنصاف» (٧/ ١٣٦، ١٣٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٧٣، ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>