للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرُهما: «إذا بلَغَ الماءُ قُلَّتينِ لم يَتنجَّسْ»، والتَّقديرُ: لم يَقبلِ النَّجاسةَ، بل يَدفعُها عن نَفسِه، ولو كانَ المَعنى: أنَّه يَضعُفُ عن حَملِه لم يَكنْ للتَّقيُّدِ للقُلَّتينِ مَعنًى ما دونَهما أَولى بذلك، وقيلَ: مَعناه: لا يَقبلُ حُكمَ النَّجاسةِ كما في قَولِه تَعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ [الجمعة: ٥] أي: لم يَقبَلوا حُكمَها (١).

حُكمُ الماءِ المُختلِطِ بنَجسٍ في حالَتَي الجَريان والرُّكودِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ الماءِ المُختلِطِ بنَجسٍ في حالَتَي الجَريانِ والرُّكودِ:

وفيما يَلي أَقوالُهم:

أولًا: مَذهبُ الحَنفيةِ:

فرَّقَ الحَنفيةُ بينَ كَونِ الماءِ جاريًا أو راكِدًا؛ فإنْ وقَعَ في الماءِ نَجاسةٌ وكانَ جاريًا وكانَت النَّجاسةُ غيرَ مَرئيةٍ، ولم يَتغيرْ أحَدُ أَوصافِ الماءِ: فهو طاهِرٌ عندَهم.

يَقولُ الإمامُ الكاسانِيُّ الحَنفيُّ : فإنْ وقَعَ -أي: النَّجسُ- في الماءِ فإنْ كانَ جاريًا وكانَ النَّجسُ غيرَ مَرئيٍّ كالبَولِ والخَمرِ ونَحوِهما لا يُنجَّسُ ما لم يَتغيرْ لَونُه أو طَعمُه أو ريحُه، ويتوضَّأُ منه من أيِّ مَوضعٍ كانَ من الجانِبِ الذي وقَعَ فيه النَّجسُ، أو من جانِبٍ آخَرَ.


(١) «تلخيص الحبير» (١/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>