للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٤٩)[الأحزاب: ٤٩]، فبيَّنَ اللهُ سُبحانَه أنه لا عدَّةَ عليها، فتَبِينُ بمُجرَّدِ طَلاقِها وتَصيرُ كالمَدخولِ بها بعدَ انقِضاءِ عدَّتِها، لا رَجعةَ عليها ولا نَفقةَ لها، وإنْ رَغِبَ مُطلِّقُها فيها فهو خاطِبٌ مِنْ الخُطَّابِ يَتزوَّجُها برِضاها بنِكاحٍ جَديدٍ، وتَرجعُ إليهِ بطَلقتينِ، وإنْ طلَّقَها اثنتَينِ ثمَّ تزوَّجَها رجَعَتْ إليهِ بطَلقةٍ واحدةٍ بغَيرِ خِلافٍ بينَ أهلِ العلمِ (١).

فإذا أرادَ أنْ يَرجعَ إليها عقَدَ عليها عَقدًا مِنْ جَديدٍ بشُروطِه.

قالَ الإمامُ ابنُ حزمٍ : واتَّفقُوا أنَّ التي لا عدَّةَ عَليها لا رَجعةَ لهُ عليها إلَّا على حُكمِ ابتِداءِ النكاحِ الجَديدِ (٢).

الشَّرطُ الثَّاني: أنْ يكونَ الطَّلاقُ دُونَ الثَّلاثِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنه يُشترطُ لصحَّةِ الرَّجعةِ أنْ تَكونَ المَرأةُ مُطلَّقةً طلقَةً أو طَلقتَينِ، فإنْ كانَتْ مُطلَّقةً ثلاثًا فلا تَصحُّ الرجعةُ ولا تَحِلُّ له حتى تَنكحَ زَوجًا غيرَه بِلا خِلافٍ بيْنَ عُلماءِ الأمَّةِ؛ لقَولِه تَعالى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا﴾ [البقرة: ٢٣٠]، ومَعنَى ذلكَ باتِّفاقِ المُسلمينَ: فإنْ طلَّقَها الذي طلَّقَها مَرَّتينِ فلا تَحلُّ له مِنْ بعدِ هذا الطلاقِ الثالثِ حتَّى تَنكحَ زوجًا غيرَه، فإنْ طلَّقَها هذا


(١) «المغني» (٧/ ٣٩٧).
(٢) «مراتب الإجماع» ص (٧٥)، و «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١٢٨٣)، رقم (٢٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>