للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ هُبيرةَ : واتَّفَقوا على أنَّ قَتلَ المُحرِمِ للصَّيدِ عَمدًا أو خَطأً سَواءٌ في وُجوبِ الجَزاءِ (١)؛ لأنَّه ضَمانُ إتلافٍ استَوى عَمدُه وخَطؤُه، مثلَ مالِ الآدَميِّ.

لكنْ حَكى ابنُ قُدامةَ رِوايةً عن الإمامِ أحمدَ أنَّه لا كفَّارةَ عليه في الخَطأِ؛ لأنَّ اللهَ تَعالى قال: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ فدَليلُ خِطابِه أنَّه لا جَزاءَ على الخَطأِ؛ لأنَّ الأصلَ بَراءةُ ذمَّتِه فلا يَشغَلُها إلا بدَليلٍ، ولأنَّه مَحظورٌ لِلإحرامِ لا يُفسِدُه، فيَجبُ التَّفريقُ بينَ خَطَئه وعَمدِه كاللُّبسِ والطِّيبِ (٢).

إباحةُ صَيدِ البَحرِ:

وأمَّا صَيدُ البَحرِ فحَلالٌ للحَلالِ والمُحرِمِ بالنصِّ والإجماعِ.

أمَّا النصُّ فقولُ اللهِ تَعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ [المائدة: ٩٦]، قال ابنُ عَباسٍ: طَعامُه ما لَفَظَه، ولا فرقَ بينَ حَيوانِ البَحرِ المالِحِ وبينَ ما في الأنهارِ والعُيونِ، فإنَّ اسمَ البَحرِ يَتناولُ الكلَّ، قال اللهُ تَعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ [فاطر: ١٢]،


(١) «الإفصاح» (١/ ٤٨٠)، و «القوانين الفقهية» (١/ ٩٣).
(٢) «المغني» (٥/ ١٤١)، و «بداية المجتهد» (١/ ٤٨٢)، ومن أَرادَ المَزيدَ في بابِ جَزاءِ الصَّيدِ على المُحرمِ فليُراجعْ كتابَنا «الجامع لأحكام الكفالة والضمانات» (١/ ٢٢٢، ٢٤١) في مسائل الحج فقَد بُسِط فيه القَولُ هُناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>