للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما بعضُها مِنْ جِنسِ المُفتِّراتِ على رأيِ البعضِ، ومِن جِنسِ المَضارِّ على رأيِ البعضِ، فلا يَحرمُ قليلُه سَواءٌ يُؤكلُ مُفرَدًا أو يُستهلكُ في الطعامِ أو في الأدويةِ.

نعمْ أنْ يُؤكلَ المِقدارُ الزائدُ الذي يَحصلُ به التفتيرُ لا يَجوزُ أكلُه؛ لأنَّ النبيَّ نهَى عن كلِّ مُفتِّرٍ، ولم يَقلْ: إنَّ كلَّ ما أفتَرَ كَثيرُه فقَليلُه حَرامٌ، فنقولُ على الوَجهِ الذي قالَه ولا نُحدِثُ مِنْ قِبلِي شَيئًا، فالتحريمُ للتفتيرِ لا لنَفسِ المُفتِّرِ، فيجوزُ قليلُه الذي لا يُفتِّرُ (١).

وقالَ ابنُ القيِّمِ : وأما التداوِي بالجِماعِ فلا يُبيحُه الشرعُ بوجهٍ ما، وأما التداوِي بالضَّمِّ والقُبلةِ فإنْ تَحققَّ الشِّفاءَ به كانَ نَظيرَ التداوِي بالخَمرِ عندَ مَنْ يُبيحُه، بل هذا أسهَلُ مِنْ التداوِي بالخَمرِ؛ فإنَّ شُربَه مِنْ الكبائِرِ، وهذا الفعلُ مِنْ الصغائرِ (٢).

حُكمُ التدرُّجِ في تَركِ المحرَّماتِ:

نَصَّ عامَّةُ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربعةِ على أنَّ الإنسانَ إذا ابتُليَ بالأفيونِ والمُخدِّراتِ وغيرِها وإذا ترَكَها هلَكَ جازَ له أنْ يَتدرَّجَ في تَركِها ولا يَتركَها مرَّةَ واحدةً.

قالَ ابنُ عابدِينَ : خاتِمةٌ: سُئلَ ابنُ حَجرٍ المَكيُّ عمَّن ابتُليَ بأكلِ نحوِ الأفيونِ وصارَ إنْ لم يَأكلْ منه هلَكَ؟ فأجابَ: إنْ علِمَ ذلكَ قَطعًا


(١) «عون المعبود» (١٠/ ٩٦).
(٢) «روضة المحبين» (١/ ٣٧٩، ٣٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>