للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَجرةً من شَجري» يُعطونَه ما شاؤُوا من ذلك جَيدًا أو رَديئًا أو وَسطًا، وهذا أيضًا مَجهولٌ إلا أنَّه مَعلومُ الجِنسِ.

أو قالَ: «أَعطوا هذه الألفَ أحدَهما» صَحَّ، كما لو قالَ لوَكيلِه: «بِعْه لأحدِ الرَّجلَينِ» (١).

وقالَ في «الشَّرح الكَبير» لابنِ قُدامةَ: وتَصحُّ الوَصيةُ بالمَجهولِ كعَبدٍ وشاةٍ؛ لأنَّ الوَصية تَصحُّ بالمَعدومِ فالمَجهولُ بطَريقِ الأوْلى، ولأنَّ المَجهولَ يَنتقِلُ إلى الوُراثِ فصَحَّت الوَصيةُ به كالمَعلومِ، ويُعطيه الوَرثةُ ما شاؤُوا ممَّا يَقعُ عليه الاسمُ؛ لأنَّه اليَقينُ، كما لو أقَرَّ له بعَبدٍ، فإنْ لم يَكنْ له عَبيدٌ اشتَرى له ما سُمِّي عَبدًا، وإنْ كانَ له عَبيدٌ أَعطاه الوَرثةُ ما شاؤُوا لمَا ذكَرنا، وقالَ القاضي: يُعطيه الوَرثةُ ما شاؤُوا من ذَكرٍ أو أُنثَى، قالَ شَيخُنا: والصَّحيحُ عندي أنَّه لا يَستحِقُّ إلا ذَكرًا (٢).

هل يُشتَرطُ أنْ يَكونَ المُوصَى به مَقدورًا على تَسليمِه؟

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه لا يُشتَرطُ في المُوصَى به أنْ يَكونَ مَقدورًا على تَسليمِه، فتَصحُّ الوَصيةُ بالبَعيرِ الشارِدِ والعَبدِ الآبِقِ والطَّيرِ في الهَواءِ والسَّمكِ في الماءِ، وكذا بالمَسروقِ والمَغصوبِ، وللمُوصَى له السَّعيُ في تَحصيلِه، فإنْ قدِرَ عليه أخَذَه إنْ خرَجَ من الثُّلثِ؛


(١) «فتاوى السغدي» (٢/ ٨٢٣).
(٢) «الشرح الكبير» (٦/ ٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>