للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسألةُ الثَّانيةُ: مَنْ رَدَّه دونَ أنْ يَأذَنَ مالِكُه بالرَّدِّ، هَلْ يَستحقُّ الجُعْلَ أو لا؟

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ مَنْ رَدَّ الضَّالَّةَ دونَ أنْ يَأذَنَ المالِكُ في رَدِّها، ولَم يَجعَلْ لمَن رَدَّها جُعلًا، هَلْ يَستحقُّ جُعلَ المِثْلِ بذلك أو لا يَستحقُّ، ويَكونُ مُتَبَرِّعًا بذلك.

فَقالَ الشَّافِعيَّةُ: مَنْ رَدَّ آبِقًا أو ضالَّةً بغيرِ إذْنِ مالِكِها كَأنْ عمِل قبلَ النِّداءِ، فلا شَيءَ له، سَواءٌ أكانَ الرَّادُّ مَعروفًا برَدِّ الضَّوالِّ بعِوَضٍ أم لا؛ لأنَّه عَمَلٌ بلا صِيغةٍ، فلا شَيءَ له؛ لِعَدمِ الِالتِزامِ له بشَيءٍ، فوقَع عَملُه تَبرُّعًا، ودخَل العَبدُ مثلًا في ضَمانِه، وكذا مَنْ عمِل بإذْنٍ مِنْ غيرِ ذِكْرِ عِوضٍ (١).

وأمَّا المالِكيَّةُ فقالوا: إنْ لَم يَقُلْ رَبُّه شَيئًا، فجاءَ به شَخصٌ، وكانَ مِنْ عادَتِه طَلَبُ الضَّوالِّ والآبِقِينَ، فإنَّه يَستحقُّ جُعلَ مِثلِه، فإنْ لَم تَكُنْ عادَتُه طَلبَ ما ذُكِرَ فلا جُعلَ له، وله النَّفَقةُ فَقط، أي: نَفَقةُ الآبِقِ، أي: ما أنفَقَه عليه مِنْ مَأْكَلٍ ومَركَبٍ ولِباسٍ، لا نَفقَتُه على نَفْسِه ودَابَّتِه -مثلًا- في زَمَنِ تَحصيلِه.

ولرَبِّه تَرْكُه إذا أتَى العُمَّالُ بالعَبدِ الآبِقِ قبلَ أنْ يَلتزِمَ رَبُّه بالجُعلِ، فإنَّ له أنْ يَترُكَه لمَن جاءَ به، ولا مَقالَ لِلعامِلِ حينَئذٍ، وسَواءٌ أكانَ الجُعْلُ يُساوي قِيمةَ رَقَبةِ العَبدِ أم لا (٢).


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٨٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٤٢)، و «نهاية المحتاج مع حاشِيَة الشَّبراملسي» (٥/ ٥٣٥)، و «أسنى المَطالِب» (٢/ ٤٣٩)، و «النَّجم الوهَّاج» (٦/ ٩١)، و «الدِّيباج» (٢/ ٥٨٢)، و «حاشية عميرة على كنز الراغبين» (٣/ ٣٢٤).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٣٥)، و «المختصر الفقهي» (١٢/ ٣٦٥، ٣٦٦)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٦٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٤٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٢١)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ١٠٧، ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>