للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانتِفاعُ بالعارِيةِ:

لا خِلافَ بينَ الفَقهاءِ على أنَّه يَجوزُ للمُستَعيرِ أنْ يَستعمِلَ ويَنتفِعَ بالعَينِ المُعارةِ فيما أُذنَ له فيه.

قالَ الإمامُ ابنُ المُنذرِ : أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ للمُستَعيرِ أنْ يَستعملَ الشيءَ المُستَعارَ فيما أُذنَ له أنْ يَستعمِلَه فيه (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : وأجمَعُوا على أنَّ للمُستَعيرِ استِعمالَ المُعارِ فيما أُذنَ له فيه (٢).

وقد عدَّ بعضُ العُلماءِ كالهَيثميِّ في «الزواجر» استِعمالَ العارِيةَ في غيرِ ما أُذنَ له فيه مِنْ الكَبائرِ، حيثُ قالَ: استِعمالُ العارِيةِ في غيرِ المَنفعةِ التي استَعارَها لها أو إِعارتُها مِنْ غيرِ إذنِ مالكِها أو عندَ مَنْ قالَ بمَنعِها أو استِعمالُها بعدَ المدةِ المُؤقَّتةِ بها، وتَصريحِي بأنَّ هذه الثَّلاثةَ كبائرُ ظاهرٌ مِنْ كَلامِهم؛ لأنَّه يَرجعُ إلى الغَصبِ والظُّلمِ الآتِيينِ، وكلٌّ منهما كَبيرةٌ إِجماعًا؛ إذ فيه ظُلمٌ للمالكِ واستِيلاءٌ على حقِّهِ ومالِه بغيرِ حقٍّ، فكلُّ ما ورَدَ فيهما مِنْ الوَعيدِ الشَّديدِ في الأَحاديثِ الآتيةِ تَشملُ هذه الثَّلاثةَ ونحوَها (٣).


(١) «الإجماع» (٥٦٨)، و «الإشراف» (٦/ ٣٥٠).
(٢) «المغني» (٥/ ١٣٢).
(٣) «الزواجر» (١/ ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>