للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائتِ الذي هو خَيرٌ، وكفِّرْ عن يَمينِك» (١)؛ لِما يَترتبُ عليه مِنْ الثَّوابِ وتَركِ المَكروهِ امتِثالًا وفِعلِ المَندوبِ، ويُكرَهُ بَرُّه لما يَلزمُ عليه من فِعلِ المَكروهِ وتَركِ المَندوبِ (٢).

خامسًا: إذا حلَفَ على فِعلِ مُباحٍ أو تَركِه:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على أنَّ الإِنسانَ إذا حلَفَ على أنَّ يَفعلَ فعلًا مُباحًا كأنْ يَدخلَ دارًا مثلًا أو على تَركِ مُباحٍ كأنْ لا يَلبسَ هذا الثَّوبَ مثلًا فإنَّه مُخيرٌ بينَ الفِعلِ والتَّركِ فإنْ فعَلَ ما حلَفَ عليه فلا إثمَ ولا كَفارةَ، وإنْ ترَكَ ما حلَفَ على تَركِه فلا إثمَ ولا كَفارةَ، وإنْ فعَلَ ما حلَفَ على تَركِه فعليه الكَفارةُ، وإنْ ترَكَ ما حلَفَ على فِعلِه فعليه الكَفارةُ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : فإنْ قيلَ: وكيفَ يَكون حلُّها مُباحًا وقد قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ [النحل: ٩١] قُلنا: هذا في الأَيمانِ في العُهودِ والمَواثيقِ بدَليل قولِه تَعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ [النحل: ٩١] إلى قولِه: ﴿تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ﴾ [النحل: ٩٢]، والعَهدُ يَجبُ الوَفاءُ به بغيرِ يَمينٍ، فمع اليَمينِ أَولى؛ فإنَّ اللهَ تَعالى قالَ: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ﴾ [النحل: ٩١]، وقالَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١]، ولهذا نُهيَ عن نَقضِ اليَمينِ، والنَّهيُ يَقتضِي التَّحريمَ، وذمَّهم


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: وقد تقدم.
(٢) «المغني» (٩/ ٣٩٠)، و «المبدع» (٩/ ٢٥٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>