فإنْ قيلَ: إذا حنَثَ في يَمينِه خَطأً كانَ التَّحريرُ شُكرًا على ما قُلتُم، فيَنبغِي أنْ يُقاسَ على القَتلِ في إيجابِ تَحريرِ رَقبةٍ مُؤمِنةٍ.
فالجَوابُ أنه لا يُمكِنُ القِياسُ في هذهِ الصُّورةِ أيضًا؛ لِمَا ذكَرْنا أنَّ تَحريرَ المُؤمنِ جُعِلَ شُكرًا لنِعمةٍ خاصَّةٍ، وهي سَلامةُ الحَياةِ في الدُّنيا معَ ارتِفاعِ المُؤاخَذةِ في الآخِرةِ، وفي بابِ اليَمينِ النِّعمةُ هي ارتِفاعُ المُؤاخَذةِ في الآخِرةِ فحَسبُ؛ إذْ ليسَ ثَمَّةَ مُوجبٌ دُنيويٌّ يَسقطُ عنه، فكانَتِ النِّعمةُ في بابِ القَتلِ فَوقَ النِّعمةِ في بابِ اليَمينِ، وشُكرُ النِّعمةِ يَجبُ على قَدرِ النِّعمةِ، كالجَزاءِ على قَدرِ الجِنايةِ، ولا يَعلمُ مِقدار الشُّكرِ إلا مَنْ عَلِمَ مِقدارَ النِّعمةِ، وهو اللهُ ﷾، فلا تُمكِنُ المُقايَسةُ في هذهِ الصُّورةِ أيضًا، واللهُ ﷾ أعلَمُ (١).
ثانيًا: الصِّيامُ لِمَنْ لم يَجِدْ رَقبةً أو لا يَستطيعُ شِراءَها:
أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ المُظاهِرَ إذا لم يَجدْ رَقبةً أنَّ فرْضَه صِيامُ شهرَينِ مُتتابِعَينِ.