للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا العَطَشُ -كما قُلْنا- فلا خِلافَ بينَ الجَميعِ أنَّه جائِحةٌ.

وأمَّا ما أصابَ مِنْ صُنعِ الآدَميِّينَ فبَعضٌ مِنْ أصحابِ مالِكٍ رَآه جائِحةً، وبَعضٌ لَم يَرَه جائِحةً.

والَّذينَ رَأوْه جائِحةً انقَسَموا قِسمَيْنِ، فبَعضُهم رَأى مِنه جائِحةَ ما كانَ غالِبًا، كالجَيشِ، ولَم يَرَ ما كانَ مِنه بمُغافَصةِ جائِحةٍ مثلَ السَّرِقةِ، وبَعضُهم جعَل كُلَّ ما يُصيبُ الثَّمرةَ مِنْ جِهةِ الآدَميِّينَ جائِحةً، بأيِّ وَجْهٍ كانَ.

فمَن جعَلها في الأُمورِ السَّماويَّةِ فَقَط اعتَمَدَ ظاهِرَ قَولِه : «أرأيتَ إنْ منَع اللَّهُ الثَّمرةَ؟» (١).

ومَن جعَلها في أفعالِ الآدَميِّينَ شبَّهها بالأُمورِ السَّماويَّةِ.

ومَن استَثنَى اللِّصَّ قالَ: يُمكِنُ أنْ يُتحفَّظَ منه (٢).

مِقدارُ ما يُوضَعُ مِنْ الجائِحةِ:

اختلَف الفُقهاءُ في القَدْرِ الذي يُوضَعُ مِنْ الجائِحةِ، فذكَر المالِكيَّةُ أنَّ المَبيعَ الذي تُصيبُه الجائِحةُ ثَلاثةُ أنواعٍ:

أحَدُها: ثِمارُ التِّينِ، والتَّمرِ، والعِنَبِ، وما جَرى مَجراها مِنْ الجَوزِ، واللَّوزِ، والتُّفَّاحِ؛ فهذه يُراعَى في جَوائِحها الثُّلُثُ؛ فإنْ كانَ الذي تلِف أقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الثِّمارِ فلا يُوضَعُ عن المُشتَرِي شَيءٌ، وإنْ بلَغ التَّالِفُ مِنها الثُّلُثَ وُضِعَ عنه جَميعُ الجائِحةِ.


(١) رواه البخاري (٢١٩٨، ٢١٩٩).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ١٨٧، ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>