للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعضِ حَديثِ حَبيبةَ «أنها كانتْ تَحتَ ثابتِ بنِ قيسٍ فضرَبَها فكسَرَ ضِلعَها، فأتَتِ النَّبيَّ فدَعَا النَّبيُّ ثابتًا فقالَ: خُذْ بعضَ مالِها وفارِقْها، ففعَلَ».

وهكذا لو ضرَبَها ظُلمًا لسُوءِ خلُقِه أو غيرِه لا يُريدُ بذلكَ أنْ تَفتديَ نفْسَها لم يَحرمْ عليهِ مُخالَعتُها؛ لأنه لم يَعضلْها ليَذهبَ ببعضِ ما آتاها، ولكنْ عليهِ إثمُ الظُّلمِ بلا رَيبٍ (١).

المسألةُ الثانيةُ: إذا زنَتْ فمنَعَها حقَّها لتُخالِعَه فخالَعتْه:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو زَنَتِ المرأةُ فعَضَلَها ومنَعَها حقَّها لتُخالِعَه ففعَلَتْ، هل يَصحُّ الخُلعُ أم لا؟

فذهَبَ الشَّافعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ إلى أنَّ المرأةَ إذا أتَتْ بفاحِشةٍ فزنَتْ فعَضَلَها زَوجُها ومنَعَها حقَّها لتَفتدِيَ منهُ بمالٍ صحَّ الخُلعُ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [النساء: ١٩]-يَعني الزِّنا- فمنَعَه اللهُ تعالَى مِنْ العَضلِ لأجْلِ الفِديةِ إلَّا مع الزِّنَا، فكانَ الظَّاهرُ يَقتَضي جَوازَه بالعَضلِ معَ وُجودِ الزِّنَا؛ لأنَّ الاستِثناءَ مِنْ النَّهيِ إباحةٌ، ولأنها متى زَنَتْ لم يأمَنْ أن تُلحِقَ بهِ وَلدًا مِنْ غيرِه وتُفسِدَ فِراشَه فلا تُقيمَ حُدودَ اللهِ في حَقَّه، فتَدخلُ في قَولِه تعالَى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] (٢).


(١) «المغني» (٧/ ٢٤٩)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٥٢)، و «المبدع» (٧/ ٢٢١).
(٢) «الحاوي الكبير» (١٠/ ٦، ٧)، و «المهذب» (٢/ ٧١)، و «البيان» (١٠/ ٩، ١٠)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٢٣٨)، و «المغني» (٧/ ٢٤٩)، و «الكافي» (٣/ ١٤٣)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٥٢)، و «المبدع» (٧/ ٢٢١)، و «الإنصاف» (٨/ ٣٨٤)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>