للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَروفَ إذا ارضَعَتْه خِنزيرةٌ أو كَلبةٌ أنه غَيرُ حَرامٍ أكلُه، ولا خِلافَ أنَّ ألبانَ الخَنازيرِ نَجسةٌ كالعَذرةِ.

والمَعنى فيه أنَّ لبَنَ الخِنزيرةِ لا يُدركُ في الخَروفِ إذا ذُبحَ بذُوقٍ ولا شَمٍّ ولا رائِحةٍ، فقدْ نقَلَه اللهُ وأحالَه كما يُحيلُ الغِذاءَ، فإنما حرَّمَ اللهُ أعيانَ النَّجاساتِ المُدرَكاتِ بالحَواسِّ، فالدَّجاجةُ والإبلُ الجلَّالةُ وما شاكَلَها لا يُوجدُ فيها أعيانُ العَذراتِ، وليسَ ذلكَ بأكثَرَ مِنْ النَّباتِ الذي يَنبتُ في العَذرةِ، وهو طاهِرٌ حَلالٌ بإجماعٍ، ولا يَخلو الزَّرعُ مِنْ ذلكَ.

وإنما النَّهيُ عن الجلَّالةِ مِنْ جِهةِ التقذُّرِ والتنزُّهِ؛ لِئلَّا يَكونَ الشأنُ في عَلفِ الحَيوانِ النَّجاساتِ، والنَّهيُ عن الجلَّالةِ ليسَ بقَويِّ الإسنادِ (١).

أكلُ الدَّمِ أو شُربُه:

اتَّفقَ أهلُ العِلمِ على حُرمةِ الدَّمِ المَسفوحِ، وعلى أنه نَجسٌ لا يُؤكلُ ولا يُنتفعُ به؛ لقَولِه تعالَى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ [المائدة: ٣]، ولقَولِه تَعالَى: ﴿إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ [الأنعام: ١٤٥].

قالَ ابنُ العَربيِّ المالِكيُّ : اتَّفقَ العُلماءُ على أنَّ الدمَّ حَرامٌ نَجسٌ لا يُؤكلُ ولا يُنتفعُ به، وقد عيَّنَه اللهُ هاهُنا مُطلَقًا، وعيَّنَه في سُورةِ الأنعَام بالمَسفوحِ، وحمَلَ العُلماءُ هاهنا المُطلَقَ على المُقيَّدِ إجماعًا (٢).


(١) «شرح صحيح البخاري» (٥/ ٤٣٠، ٤٣١)، و «البيان والتحصيل» (٣/ ٣٦٩)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٢٣٧)، و «مواهب الجليل» (٤/ ٣٤٩)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٣٧٩)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٢٥).
(٢) «أحكام القرآن» (١/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>