للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادِسًا: مَسحُ الأُذنَينِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ مَسحِ الأُذنَينِ في الوُضوءِ هل هو سُنةٌ أو واجِبٌ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المَشهورِ والشافِعيةُ إلى أنَّ مَسحَ الأُذنَينِ سُنةٌ من سُننِ الوُضوءِ فلو ترَكَ المُتوضِّئُ مَسحَ الأُذنَينِ جازَ؛ لمَا رُويَ أنَّ النَّبيَّ قالَ للأعرابيِّ: «تَوضَّأْ كما أمَرَك اللهُ» (١).

وليس فيما أمَرَ اللهُ مَسحُ الأُذنَينِ، ويُستحبُّ أنْ يَمسحَ أُذُنَيه ظاهِرَهما وباطِنَهما، فظاهِرُهما ما يَلي الرأسَ، وباطِنُهما ما يَلي الوَجهَ لمَا رَوى المِقدامُ بنُ مَعديكَرِبَ : «أنَّ النَّبيَّ مسَحَ برَأسِه وأُذنَيه ظاهِرِهما وباطِنِهما، وأدخَلَ إِصبَعَيه في صِماخِ أُذنَيه» (٢).

وذهَبَ الحَنابِلةُ وابنُ مَسلمةَ والأبَهريُّ من المالِكيةِ إلى وُجوبِ مَسحِ الأُذنَينِ ظاهِرِهما وباطِنِهما؛ لأنَّهما من الرأسِ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «الأُذنانِ من الرَّأسِ» (٣).

ثم إنَّ المالِكيةَ والشافِعيةَ والحَنابِلةَ وأبا حَنيفةَ في رِوايةٍ عنه قالوا: يُسنُّ أنْ يأخُذَ لأُذُنَيه ماءً جَديدًا غيرَ الذي مسَحَ به رأسَه؛ لحَديثِ عبدِ اللهِ بنِ زَيدٍ أنَّه رأى النَّبيَّ : «يَتوضَّأُ فأخَذَ لأُذُنَيه ماءً خِلافَ


(١) سبَق تَخريجُه.
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٢١)، وابن الجارود في «المنتقى» (٧٤).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٣٤)، وابن ماجه (٤٤٣، ٤٤٤، ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>