للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوعُ الثانِي: الآلاتُ المُثقَّلاتُ (وحُكمُ الصَّيدِ بالمِعراضِ):

نَصَّ عامةُ الفُقهاءِ على أنَّ ما كانَ يَقتلُ بثِقَلِه دَقًّا أو خَنقًا لم يَحلَّ الحَيوانُ به ولو كانَ مُحدَّدًا قتَلَ بثِقلِه لا بجَرحِه؛ لحَديثِ عَديِّ بنِ حاتمٍ قالَ: سَألتُ النبيَّ : إني أَرمِي بالمِعراضِ الصَّيدَ فأُصِيبُ، فقالَ: «إذا رَمَيتَ بالمِعراضِ فخَزَقَ فكُلْه، وإنْ أصابَهُ بعَرضِه فلا تَأكُلْه» (١).

وفي رِوايةٍ لمُسلمٍ: «إذا أصابَ بحَدِّه فكُلْ، وإذا أصابَ بعَرضِه فقتَلَ فإنه وَقيذٌ فلا تَأكُلْ» (٢).

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : المِعراضُ - بكَسرِ المِيمِ وبالعَينِ المُهمَلةِ-: وهي خَشبةٌ ثَقيلةٌ أو عَصًا في طَرفِها حَديدةٌ، وقد تَكونُ بغَيرِ حَديدةٍ، هذا هو الصَّحيحُ في تَفسيرِه، وقالَ الهَرويُّ: هو سَهمٌ لا رِيشَ فيه ولا نَصْلَ، وقالَ ابنُ دُريدٍ: هو سَهمٌ طَويلٌ له أربَعُ قُذَذٍ رِقاقٍ، فإذا رَمَى به اعتَرضَ، وقالَ الخَليلُ كقَولِ الهَرويِّ، ونحوُه عن الأصمَعيِّ، وقيلَ: هو عُودٌ رَقيقُ الطَّرفينِ غَليظُ الوَسطِ إذا رُمِيَ به ذهَبَ مُستويًا.

وأمَّا «خَزَقَ» فهو بالخاءِ المُعجَمةِ والزايِ، ومعناهُ: نفَذَ، والوَقذُ والمَوقوذُ: هو الذي يُقتَلُ بغَيرِ مُحدَّدٍ مِنْ عصًا أو حَجرٍ وغيرِهِما، ومَذهبُ الشافعيِّ ومالِكٍ وأبي حَنيفةَ وأحمَدَ والجَماهيرِ أنه إذا اصطادَ بالمِعراضِ فقتَلَ الصَّيدَ بحَدِّه حَلَّ، وإنْ قتَلَه بعَرضِه لم يَحلَّ؛ لهذا الحَديثِ (٣).


(١) أخرجه البخاري (٦٩٦٢)، ومسلم (١٩٢٩).
(٢) أخرجه مسلم (١٩٢٩).
(٣) «شرح صحيح مسلم» (١٣/ ٧٥)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٧٠٠، ٧٠١)، ويُنظَر: «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ١٩٦، ١٩٧)، و «فتاوى السغدي» (١/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>