وَهُناكَ أُمورٌ اتَّفقَ الفُقهاءُ على صِحَّةِ الوَكالةِ فيها، وأُمورٌ اتَّفَقوا على بُطلانِ الوَكالةِ فيها، وأُمورٌ اختَلَفوا فيها، هَلْ تَصحُّ فيها الوَكالةُ أو لا؟ وبَيانُه على التَّفصيلِ الآتي:
أوَّلاً: الأُمورُ التي تَجوزُ الوَكالةُ فيها باتِّفاقِ الفُقهاءِ:
١ - العُقودُ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الوَكالةَ تَصحُّ في العُقودِ التي تَقبَلُ النِّيابةَ، وهي على التَّفصيلِ الآتي:
التَّوكيلُ في البَيعِ والشِّراءِ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ على أنَّه تَصحُّ الوَكالةُ في البَيعِ والشِّراءِ؛ لأنَّهما ممَّا يَملِكُ المُوكِّلُ مُباشَرَتُه بنَفْسِه، فيَملِكُ التَّفويضَ إلى غيرِه، ولِمَا رَواه البُخاريُّ عن عُروةَ البارِقيِّ:«أنَّ النَّبيَّ ﷺ أعطاه دِينارًا يَشترِي له به شاةً، فاشترَى له به شاتَيْنِ، فباعَ إحداهُما بدِينارٍ، وجاءَه بدِينارٍ وشاةٍ، فدَعا له بالبَرَكةِ في بَيعِه، وكانَ لو اشترَى التُّرابَ لَرَبِحَ فيهِ»(١). ولأنَّ الحاجةَ دَاعيةٌ إلى التَّوكيلِ فيهِ؛ لأنَّه قَدْ يَكونُ ممَّن لا يُحسِنُ البَيعَ والشِّراءَ، أو لا يُمكِنُه الخُروجُ إلى السُّوقِ، وقَد يَكونُ له مالٌ ولا يُحسِنُ التِّجارةَ فيه، وقَد يُحسِنُ ولا يَتفَرَّغُ، وقَد لا تَليقُ به التِّجارةُ؛ لِكَونِه امرَأةً، أو ممَّن يَتعيَّرُ بها ويَحُطُّ ذلك مِنْ مَنزِلتِه، فأباحَها الشَّرعُ؛ دَفعًا لِلحاجةِ،