للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يَجوزُ لِرَبِّ المالِ أو المُضارِبِ أنْ يأخُذَ مِنْ مالِ المُضاربةِ في أثناءِ العَقدِ:

نَصَّ الحَنابِلةُ على أنَّ رَبَّ المالِ والمُضاربَ لو اتَّفقا على قِسمةِ الرِّبحِ أو على قِسمةِ بَعضِه، أو اتَّفَقا على أنْ يأخُذَ كلُّ واحِدٍ منهما كلَّ يَومٍ قَدْرًا مَعلومًا جازَ؛ لأنَّ الحَقَّ لهما لا يَعدوهما.

قال ابنُ قُدامةَ : إنْ طلَب أحَدُهما قِسمةَ الرِّبحِ دونَ رأسِ المالِ وأبى الآخَرُ قدَّم قَولَ المُمتَنِعِ؛ لأنَّه إنْ كان رَبُّ المالِ فلأنَّه لا يأمَنُ الخُسرانَ في رأسِ المالِ فيَجبُرُه بالرِّبحِ، وإنْ كان العامِلَ؛ فإنَّه لا يأمَنُ أنْ يَلزمَه رَدُّ ما أخَذَ في وَقتٍ لا يَقدِرُ عليه، وإنْ تَراضَيا على ذلك جازَ؛ لأنَّ الحَقَّ لهما، وسَواءٌ اتَّفَقا على قِسمةِ جَميعِه أو بَعضِه أو على أنْ يأخُذَ كلُّ واحِدٍ منهما شَيئًا مَعلومًا يُنفِقُه ثم مَتى ظهَر في المالِ خُسرانٌ أو تَلِفَ كُلُّه لَزِم العامِلَ رَدُّ أقَلِّ الأمرَيْن مما أخَذَه أو نِصفِ خُسرانِ المالِ إذا اقتَسما الرِّبحَ نِصفَيْن، وبهذا قال الثَّوريُّ والشافِعيُّ وإسحاقُ.

وقال أبو حَنيفةَ: لا تَجوزُ القِسمةُ حتى يَستوفيَ رَبُّ المالِ مالَه، قال ابنُ المُنذِرِ: إذا اقتَسما الرِّبحَ ولَم يَقبِضْ رَبُّ المالِ رأسَ مالِه فأكثَرُ أهلِ العِلمِ يَقولونَ: يَرُدُّ العامِلُ الرِّبحَ حتى يَستوفيَ رَبُّ المالِ مالَه.

ولنا: على جَوازِ القِسمةِ أنَّ المالَ لَهما فجازَ لَهما أنْ يَقتَسِما بَعضَه كالشَّريكَيْن، أو أنْ نَقولَ: إنَّهما شَريكانِ فجازَ لَهما قِسمةُ الرِّبحِ قبلَ المُفاصَلةِ كشَريكَيِ العِنانِ (١).


(١) «المغني» (٥/ ٣٧)، و «الكافي» (٢/ ٢٧٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>