فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في وَجهٍ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الشُّفعةَ تَسقُطُ؛ لأنَّه لمَّا عدَلَ عن الشُّفعةِ إلى العِوضِ كانَ ذلك رِضًا بإِسقاطِها فيَردُّ العِوضَ لأنَّه أخَذه بغيرِ استِحقاقٍ؛ لأنَّ المالَ لا يُستحَقُّ إلا بمُقابَلةِ مِلكٍ، وحَقُّ الشُّفعةِ ليسَ بمِلكٍ بل حَقُّ تَملُّكٍ، فلا يَصحُّ الاعتِياضُ عنه.
ولأنَّه رَضيَ بتَركِها وطلَبَ عِوضَها فيَثبُتُ التَّركُ المَرضيُّ به ولم يَثبُتِ العِوضُ، كما لو قالَ:«بِعْني»، فلم يَبِعْه، ولأنَّ تَركَ المُطالَبةِ بها كافٍ في سُقوطِها، فمع طَلبِ عِوضِها أوْلى.
وذهَبَ الشافِعيةُ في الصَّحيحِ عندَهم والقاضِي من الحَنابِلةِ إلى أنَّها لا تَسقُطُ؛ لأنَّه عدَلَ عن الشُّفعةِ إلى عِوضٍ، فإذا لم يَصحَّ له العِوضُ رجَعَ إلى شُفعتِه، كما لو باعَ له عَينًا بثَمنٍ لا يَصحُّ (١).
مُسقِطاتُ الشُّفعةِ:
ذكَرَ الفُقهاءُ أنَّ الشُّفعةَ تَسقطُ بأَشياءَ، منها ما يَلي:
أولاً: مَوتُ الشَّفيعِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في الشُّفعةِ هل تُورَثُ أو لا؟
فإذا ماتَ الشَّفيعُ قبلَ أنْ يأخُذَ بالشُّفعةِ أو قبلَ المُطالَبةِ بها أو قبلَ الحُكمِ له بها، هل تَسقُطُ الشُّفعةُ بمَوتِه أو لوَرثتِه الحَقُّ في أنْ يأخُذوا ويُطالِبوا بالشُّفعةِ؟
(١) «الاختيار» (٢/ ٥٧)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٠٠)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٩٥)، و «درر الحكام» (٦/ ٤٨٧)، و «البيان» (٧/ ١٣٤، ١٣٥)، و «المغني» (٥/ ١٨٩).