للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استَثنى القَليلَ مِنْ الكَثيرِ عندَ الجُمهورِ الحَنفيةِ في ظاهِرِ الرِّوايةِ والمالِكيةِ في المَذهبِ والشافِعيةِ كما تَقدَّمَ في المَسألةِ السابِقةِ (١).

الحالةُ الثانيةُ: أنْ يَستثنيَ من غيرِ جِنسِ ما أقَرَّ به:

الاستِثناءُ من غيرِ الجِنسِ على ضَربَينِ:

الضَّربُ الأولُ: أنْ يَكونَ الاستِثناءُ من غيرِ الجِنسِ في الدَّراهِمِ والدَّنانيرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيمَن أقَرَّ بشَيءٍ واستَثنَى مِنْ غيرِ جِنسِه، كمَن قالَ: «لفُلانٍ علَيَّ ألفُ دينارٍ إلا دِرهمًا، أو ألفُ دِرهَمٍ إلا دينارًا»:

فذهَبَ الحَنفيةُ في المَذهبِ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّه إنِ استَثنى مِنْ غيرِ جِنسِ المُستَثنى بأنْ قالَ: «له علَيَّ ألفُ دينارٍ إلا دِرهمًا أو ألفُ دِرهَمٍ إلا دِينارًا»، صحَّ الاستِثناءُ؛ لأنَّ قَدرَ أحَدِهما مَعلومٌ مِنْ الآخَرِ، ويُعبَّرُ بأحَدِهما عن الآخَرِ، فإنَّ قَومًا يُسَمُّونَ تِسعةَ دارهمَ دينارًا، وآخَرينَ يُسَمُّونَ ثَمانيةَ دَراهمَ دينارًا، فإذا استَثنى أحَدُهما مِنْ الآخَرِ عُلِمَ أنَّه أرادَ التَّعبيرَ بأحَدِهما عن الآخَرِ، فإذا قالَ: «له علَيَّ دينارٌ إلا ثَلاثةَ دارهمَ» في مَوضِعٍ يُعبَّرُ فيه بالدِّينارِ عن تِسعةٍ، كانَ مَعناه: له علَيَّ تِسعةُ دَراهمَ إلا ثَلاثةً، ومهما أمكَنَ حَملُ الكَلامِ على وَجهٍ صَحيحٍ لم يَجُزْ إلغاؤُه، وقد أمكَنَ بهذا الطَّريقِ فوجَبَ تَصحيحُه.


(١) المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>