وقالَ الإمامُ الشِّيرازيُّ ﵀: وإنْ نصَبَ أَحبولةً وفيها حَديدةٌ فوقَعَ فيها صَيدٌ فقتَلَتْه الحَديدةُ لم يَحلَّ؛ لأنه ماتَ بغَيرِ فِعلٍ مِنْ جِهةِ أحَدِ، فلمْ يَحلَّ.
قالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀: الشَّرحُ: قالَ الشافِعيُّ ﵀: ولا يُؤكلُ ما قتَلَتْه الأَحبولةُ، كانَ فيها سِلاحٌ أو لم يَكنْ، قالَ أصحابُنا: الأَحبولةُ -بفَتحِ الهَمزةِ-: هو ما يُنصَبُ للصَّيدِ فيَعلَقُ به مِنْ حَبلٍ أو شَبكةٍ أو شَرَكٍ، ويُقالَ لها أيضًا: حِبالةٌ -بكَسرِ الحاءِ- جَمعُها حَبائلُ، فإذا وقَعَ في الأَحبولةِ صَيدٌ فماتَ لم يَحلَّ أكلُه بلا خِلافٍ؛ لأنه لم يُذَكِّه أحدٌ وإنما ماتَ بفِعلِ نَفسِه ولم يُوجَدْ مِنْ الصائدِ إلا سَببٌ فهو كمَن نصَبَ سِكينًا فرَبَضتْ عليها شاةٌ فقَطَعتْ حَلْقَها فإنها حَرامٌ قَطعًا، ولو كانَ رأسُ الحَبلِ الذي في الأَحبولةِ في يَدِه فجَرَّه وماتَ به الصَّيدُ فحَرامٌ أيضًا؛ لأنه مِنْ جُملةِ المُنخنِقةِ، واللهُ أعلَمُ.
فَرعٌ: هذا الذي ذكَرْناهُ مِنْ تَحريمِ صَيدِ الأَحبولةِ ونَحوِها إذا لم يُدرَكْ ذَكاتُه هو مَذهبُنا ومَذهبُ العُلماءِ كافَّةً، إلا ما حَكاهُ ابنُ المُنذِرِ عن الحَسنِ البصريِّ أنه يَحلُّ إنْ كانَ سَمَّى وقتَ نَصبِها (١).
النَّوعُ الثالثُ: الجَوارحُ (الحَيَوانُ):
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنه يَجوزُ الاصطِيادُ بالحَيوانِ المُعلَّمِ، وهو ما يُسمَّى بالجَوارحِ مِنْ الكِلابِ والسِّباعِ والطُّيورِ ممَّا له نابٌ أو مِخلبٌ وكُلِّ ما يَقبلُ التَّعليمَ كالكَلبِ والأسدِ والنَّمرِ والبازِي والشاهِينِ والباشِقِ والعُقَابِ