شَرطُ رَدِّ مَنِ ارتَدَّ من المُسلِمينَ:
نَصَّ الشافِعيةُ على أنَّه لو شرَط الإمامُ عليهم في عَقدِ الهُدنةِ أنْ يَرُدُّوا مَنْ جاءَهم مُرتَدًّا منَّا لزِمَهم الوَفاءُ بالشَّرطِ عَملًا بالتِزامِهم، عَبدًا كانَ أو حُرًّا، ذكَرَا كانَ أو أُنثى؛ فإنْ أبَوْا فقد نقَضُوا العَهدَ لمُخالَفتِهم الشَّرطَ.
والأظهَرُ أنَّه يَجوزُ شَرطُ ألَّا يَرُدُّوا مَنْ جاءَهم مُرتَدًّا من الرِّجالِ والنِّساءِ؛ لأنَّ المُشرِكينَ اشتَرطوا عليه ﷺ في صُلحِ الحُدَيبيةِ: أنَّ من جاءَ منكم لم نَرُدَّه عليكم، ومَن جاءَكم منَّا ردَدتُموه علينا، فقالُوا: يا رَسولَ اللَّهِ، أنَكتُبُ هذا؟ قالَ: «نَعمْ، إنَّه مَنْ ذهَبَ منَّا إليهم فأبعَدَه اللهُ، ومَن جاءَنا منهم سيَجعَلَ اللهُ له فرَجًا ومَخرَجًا» (١).
وحينَئذٍ لا يَلزمُهم الرَّدُّ، وكذا إنْ أُطلِق العَقدُ لا يَلزمُهم الرَّدُّ، ولكنْ يُغرَّمون مَهرَ المُرتَدةِ؛ لأنَّهم فَوَّتوا علينا الاستِتابةَ الواجِبةَ علينا؛ وأيضًا المانِعُ جاءَ من جِهتِها والزَّوجُ غيرُ مُتمكِّنٍ منها، بخِلافِ المُسلِمةِ، فالزَّوجُ مُتمكِّنٌ منها بالإسلامِ.
وكذلك يُغرَّمونَ قيمةَ الرَّقيقِ المُرتَدِّ.
ويُغرَّمُ الإمامُ لزَوجِ المُرتَدةِ ما أنفَقَ من صَداقِها؛ لأنَّا بعَقدِ الهُدنةِ حُلْنا بينَه وبينَها ولولاه لقاتَلْناهم حتى يَرُدُّوها.
والثانِي وهو مُقابِلُ الأظهَرِ: المَنعُ، بل لا بدَّ من استِردادِه لإقامةِ حُكمِ المُرتَدِّينَ عليه لإعلاءِ الإسلامِ.
(١) رواه مسلم (١٧٨٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute