الشُّفعةُ فيما انتَقلَ بعِوضٍ غيرِ المالِ (أنْ يَكونَ في مَهرٍ أو خُلعٍ أو صُلحٍ عن دَمٍ):
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما انتقَلَ بعِوضٍ غيرِ المالِ، نَحوَ أنْ يَجعلَ نَصيبَه الشِّقصَ من العَقارِ مَهرًا لزَوجَتِه أو يَكونَ الشِّقصُ عِوضًا في الخُلعِ أو في الصُّلحِ عن دَمِ العَمدِ، هل تَثبُتُ فيه الشُّفعةُ أو لا؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا تَجبُ فيه الشُّفعةُ.
قالَ الحَنفيةُ: لا شُفعةَ في الدارِ التي يَتزوَّجُ الرَّجلُ عليها أو الدارِ التي يُخالِعُ المَرأةَ بها أو يَستأجِرُ بها دارًا أو غيرَها، أو يُصالِحُ بها عن دَمٍ عَمدٍ، أو يُعتِقُ عليها عَبدًا؛ لأنَّ الشُّفعةَ إنَّما تَجبُ في مُبادلةِ المالِ بالمالِ، وهذه الأَعواضُ ليسَت بأَموالٍ، فإِيجابُ الشُّفعةِ فيها خِلافُ المَشروعِ وقَلبٌ للمَوضوعِ.
ولأنَّ تَقوُّمَ مَنافعِ البُضعِ في النِّكاحِ وغيرِها بعَقدِ الإِجارةِ ضَروريٌّ فلا يَظهَرُ في حَقِّ الشُّفعةِ، وكذا الدَّمُ والعِتقُ غيرُ مُتقوَّمٍ؛ لأنَّ القيمةَ ما يَقومُ مَقامَ غيرِه في المَعنى الخاصِّ المَطلوبِ، ولا يَتحقَّقُ فيهما، ومِثلُ هذا إذا تَزوَّجَها بغيرِ مَهرٍ ثم فرَضَ لها الدارَ مَهرًا؛ لأنَّه بمَنزِلةِ المَفروضِ في العَقدِ في كَونِه مُقابِلًا بالبُضعِ، بخِلافِ ما إذا باعَها بمَهرِ المِثلِ أو بالمُسمَّى؛ لأنَّه مُبادَلةُ مالٍ بمالٍ.