للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا قِصاصَ في شَيءٍ مِنْ هذا؛ لأنَّ اللهَ تعالَى أوجَبَ به الدِّيةَ ولم يَذكُرْ قِصاصًا، وقالَ النبيُّ : «رُفعَ عن أمَّتِي الخَطأُ والنِّسيانُ وما استُكرِهوا عَليهِ»، ولأنه لم يُوجبِ القِصاصَ في عَمدِ الخَطأِ، ففي الخَطأِ أَولى (١).

وقالَ أيضًا: ولا نَعلمُ بينَ أهلِ العِلمِ خِلافًا في أنَّ ديَةَ الخَطأِ على العاقِلةِ، قالَ ابنُ المُنذرِ: أجمَعَ على هذا كلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ، وقد ثبَتَتِ الأخبارُ عن رَسولِ اللهِ «أنه قَضَى بديَةِ الخَطأِ على العاقِلةِ».

وأجمَعَ أهلُ العِلمِ على القَولِ به، وقد جعَلَ النبيُّ ديَةَ عَمدِ الخَطأِ على العاقِلةِ بما قد روينَاهُ مِنْ الأحاديثِ، وفيه تَنبيهٌ على أنَّ العاقِلةَ تَحملُ ديَةَ الخَطأِ (٢).

الدِّيةُ تَكونُ مُؤجَّلةً في ثَلاثِ سَنواتٍ:

اتَّفقَ فُقهاءُ الأمصارِ أنَّ ديَةَ الخَطأِ تكونُ مُؤجَّلةً في ثَلاثِ سَنواتٍ.

قالَ الإمامُ الشافِعيُّ : فالقَتلُ ثَلاثةُ وُجوهٍ: عَمدٌ مَحضٌ، وعَمدٌ خَطأٌ، وخَطأٌ مَحضٌ، فأما الخَطأُ فلا اختِلافَ بينَ أحَدٍ عَلِمْتُه في أنَّ رَسولَ اللهِ قَضَى فيه بالدِّيةِ في ثَلاثِ سِنينَ، (قالَ): وذلكَ في مُضيِّ ثَلاثِ سِنينَ مِنْ يَومِ ماتَ القَتيلُ، فإذا ماتَ القَتيلُ ومضَتْ سَنةٌ حَلَّ


(١) «المغني» (٨/ ٢١٧).
(٢) «المغني» (٨/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>