للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطُ الخامِسُ: الذُّكورِيةُ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنه يُشترطُ في شُهودِ الزنا الذُّكورِيةُ، فلا تَصحُّ شَهادةُ النِّساءِ ولا شَهادةُ الرجالِ معَ النِّساءِ؛ لِمَا رويَ عن الزُّهريِّ أنه قالَ: «مَضَتِ السُّنةُ مِنْ لَدُنْ رسولِ اللهِ والخَليفتَينِ مِنْ بعدِه رِضوانُ اللهِ تعالَى عَليهما أنه لا تُقبَلُ شَهادةُ النِّساءِ في الحُدودِ والقصاصِ»، ولأنَّ الحُدودَ والقِصاصَ مَبناهُما على الدرءِ والإسقاطِ بالشُّبهاتِ، وشَهادةُ النساءِ لا تَخلو عن شُبهةٍ؛ لأنهُنَّ جُبِلْنَ على السهوِ والغَفلةِ ونُقصانِ العَقلِ والدِّينِ، فيُورِثُ ذلكَ شُبهةً، وإلى ذلكَ أشارَ اللهُ تعالَى في قولِه ﷿: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ [البقرة: ٢٨٢]، ووصَفَ رسولُ اللهِ النِّساءَ بنُقصانِ العَقلِ والدِّينِ، والحُدودُ تَندرِئُ بالشبُهاتِ، وما يَندرئُ بالشُّبهاتِ لا يَثبتُ بحُجَّةٍ فيها شُبهةٌ؛ تَيسيرًا للتحرُّزِ عنها (١).

قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : ولا يَجوزُ عندَ الجَميعِ في ذلكَ شَهادةُ النِّساءِ (٢).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : واتَّفقُوا على أنَّ شَهادةَ النِّساءِ في الحُدودِ غيرُ مَقبولةٍ، إلا ما حُكيَ عن عَطاءٍ وحمَّادِ بنِ أبي سُليمانَ أنَّ شَهادةِ النساءِ


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٣٤٥)، و «المبسوط» (١٦/ ١١٤)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٧٩)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٣٤٨).
(٢) «الاستذكار» (٧/ ٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>