للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: «المُسلِمونَ تَتكافَأُ دِماؤُهُم» أيْ: تَتَساوى فيَكونُ دمُ الوَضيعِ مِنهم كدَمِ الرَّفيعِ، وهيَ هنا مُعتبَرةٌ في خَمسةِ أشياءَ (١).

اعتبارُ الكَفاءةِ في النكاحِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على اعتِبارِ الكَفاءةِ في النِّكاحِ؛ لأنَّ المَصالحَ إنَّما تَنتَظمُ بيْنَ المُتكافِئينَ عادةً؛ لأنَّ الشَّريفةَ تَأبَى أنْ تكونَ مُستفرَشةً للخَسيسِ، وهي مُعتبَرةٌ عندَ ابتداءِ النكاحِ، ولا يُعتبَرُ استِمرارُها بعدَ ذلكَ، حتَّى لو تَزوَّجَها وهوَ كُفءٌ ثمَّ صارَ فاجِرًا لم يُفسخِ النكاحُ.

ولأنَّ المَقصودَ مِنْ شَرعيةِ النكاحِ انتِظامُ مَصالحِ كُلٍّ مِنْ الزَّوجَينِ بالآخَرِ في مُدَّةِ العُمرِ؛ لأنه وُضعَ لِتأسيسِ القَراباتِ الصِّهريةِ، ليَصيرَ البَعيدُ قَريبًا عَضُدًا وساعِدًا، يَسرُّه ما يَسرُّكَ ويَسوءُه ما يَسوءُكَ، وذلكَ لا يكونُ إلَّا بالمُوافَقةِ والتَّقاربِ، ولا مُقارَبةَ للنُّفوسِ عندَ مُباعَدةِ الأنسابِ.

ولأنَّ النكاحَ مَقصودُه حُسنُ الأُلفةِ، فإذا كانَتِ المَرأةُ أعلى مَنصِبًا اشتَغلَتْ عنِ الرجلِ، فلا يَتمُّ بهِ المَقصودُ.

ثمَّ الكَفاءةُ إنَّما تُعتبَرُ لحَقِّ النِّساءِ لا لحَقِّ الرِّجالِ، فإنَّ الشَّريفَ إذا تَزوَّجَ وَضيعةً دَنيئةً ليسَ لأوليائِهِ حَقُّ الاعتِراضِ؛ لأنه مُستفرِشٌ لا مُستفرَشٌ، فلا يَغيظُه دَناءةُ الفِراشِ، ولأنَّ النُّصوصَ ورَدَتْ باعتبارِها في حقِّ الرِّجالِ خاصَّةً، فإنَّ النبيَّ لا مُكافِئَ لهُ وقدْ تَزوَّجَ مِنْ أحياءِ العربِ.


(١) «مطالب أولي النهى» (٥/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>