نَعمْ، المَفهومُ مُعتبَرٌ عندَنا في الرِّواياتِ في الكُتبِ، ومنه قَولُه في «أَنْفَع الوَسائِلِ»: مَفهومُ التَّصنيفِ حُجَّةٌ. اه، أي: لأنَّ الفُقهاءَ يَقصدونَ بذِكرِ الحُكمِ في المَنطوقِ نَفْيَه عن المَفهومِ غالِبًا، كقَولِهم:«تَجبُ الجُمعةُ على كُلِّ ذَكرٍ حُرٍّ بالِغٍ عاقِلٍ مُقِيمٍ»، فإنهم يُريدونَ بهذه الصِّفاتِ نَفيَ الوُجوبِ عن مُخالِفِها، ويَستدلُّ به الفَقيهُ على نَفيِ الوُجوبِ على المَرأةِ والعَبدِ والصبيِّ … إلخ.
وقد يُقالُ: إنَّ مُرادَه بقَولِه: «في المَفهومِ» أنه لا يُعتبَرُ مَفهومُه كما لا يُعتبَرُ في نُصوصِ الشَّارعِ.
مَطلبٌ: لا يُعتبَرُ المَفهومُ في الوَقفِ:
وفي «البِيرِيِّ»: نَحنُ لا نَقولُ بالمَفهومِ في الوَقفِ كما هو مُقرَّرٌ، ونَصَّ عليه الإمامُ الخَصَّافُ، وأَفتَى به العلَّامةُ قاسِمٌ. اه
وبه صَرَّحَ في «الخيرِيَّةِ» أيضًا، أي: فإذا قالَ: «وَقَفتُ على أولاديَ الذُّكورِ» يُصرَفُ إلى الذُّكورِ منهم بحُكمِ المَنطوقِ، وأمَّا الإناثُ فلا يُعطَى لهنَّ؛ لعَدمِ ما يَدلُّ على الإعطاءِ، إلَّا إذا دَلَّ في كلامِه دَليلٌ على إعطائِهنَّ، فيَكونُ مُثبِتًا لإعطائِهنَّ ابتِداءً لا بحُكمِ المُعارَضةِ، لكنْ نقَلَ البيرِيُّ في مَحلٍّ آخَرَ عن «المُصَفَّى» و «خِزانَة الرِّوايَاتِ» و «السِّرَاجيَّة» أنَّ تَخصيصَ الشَّيءِ بالذِّكرِ يَدلُّ على نَفيِ ما عَداهُ في مُتفاهَمِ الناسِ وفي المَعقولاتِ وفي الرِّواياتِ.