للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلَمْ: أنَّ عَودَ المَنفَعةِ إلى المُستَأجِرِ شَرطٌ، فيَجِبُ عَودُها في هذه الإجارةِ إلى المُستَأجِرِ أو مَيِّتِه؛ فالمُستَأجِرُ لا يَنتفِعُ بقِراءةِ غَيرِه، ومَعلومٌ أنَّ المَيِّتَ لا يَلحَقُه ثَوابُ القِراءةِ المُجرَّدةِ، فالوَجْهُ تَنزيلُ الِاستِئجارِ على صُورةِ انتِفاعِ المَيِّتِ بالقِراءةِ. وذَكَروا له طَريقَتَيْنِ:

إحداهُما: أنْ يُعقِبَ القِراءةَ الدُّعاءَ لِلمَيِّتِ، لأنَّ الدُّعاءَ يَلحَقُه، والدُّعاءُ بعدَ القِراءةِ أقرَبُ إجابةً، وأكثَرُ بَرَكةً.

والأُخرى: ذكرَ الشَّيخُ عَبدُ الكَريمِ السَّالوسيُّ أنَّه إنْ نَوَى القارِئُ بقِراءَتِه أنْ يَكونَ ثَوابُها لِلمَيِّتِ لَم يَلحَقْه، وإنْ قَرَأَ ثم جعلَ ما حَصَلَ مِنْ الأجْرِ له فهذا دُعاءٌ بحُصولِ ذلك الأجْرِ لِلمَيِّتِ، ويَنفَعُ المَيِّتَ.

قُلتُ: ظاهِرُ كَلامِ القاضي حُسَينٍ صِحَّةُ الإجارةِ مُطلَقًا، وهو المُختارُ؛ فإنَّ مَوضِعَ القِراءةِ مَوضِعُ بَرَكةٍ، وبِه تَنزِلُ الرَّحمةُ، وهذا مَقصودٌ يَنْفَعُ المَيِّتَ، واللَّهُ أعلمُ (١).

وُصولُ ثَوابِ القِراءةِ لِلمَيِّتِ:

وقالَ الإمامُ القَرافيُّ: الفَرقُ الثَّاني والسَّبعونَ بعدَ المِئةِ بينَ قاعِدةِ ما يَصِلُ ثَوابُه إلى المَيِّتِ، وبَينَ قاعِدةِ ما لا يَصِلُ ثَوابُه إلَيهِ:

القُرُباتُ ثَلاثةُ أقسامٍ:

قِسْمٌ حَجَرَ اللَّهُ تَعالى على عِبادِه في ثَوابِه، ولَم يَجعَلْ لَهم نَقْلَه لِغَيرِهِم؛


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٢١، ٢٢)، و «الشرح الكبير» للرافعي (٦/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>