للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نيةُ التَّيممِ لصَلاةِ الفَرضِ وصَلاةِ النَّفلِ:

ذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ مَنْ نَوى بتَيممِه فَرضًا ونَفلًا صلَّى به الفَرضَ والنَّفلَ، وله التَّنفلُ قبلَ الفَريضةِ وبعدَها، وفي الوَقتِ وفي خارِجِه وإنْ نَوى فَرضًا يَأتي بفِعلِ أيِّ فَرضٍ شاءَ، وإنْ عيَّنَ فَرضًا جازَ له فِعلُ فَرضٍ واحِدٍ غيرِه وإنْ نَوى الفَرضَ، سَواءٌ كانَت إحدَى الخَمسِ أو مَنذورةً، استَباحَ مِثلَه وما دونَه من النَّوافلِ، وذلك لأنَّ النَّفلَ أخَفُّ، ونيةُ الفَرضِ تَتضمَّنُه.

أمَّا إذا نَوى نَفلًا فقط أو أطلَقَ النِّيةَ كأنْ نَوى استِباحةَ الصَّلاةِ بلا تَعيينِ فَرضٍ أو نَفلٍ لم يُصلِّ إلا نَفلًا؛ لأنَّ الفَرضَ أصلٌ والنَّفلَ تابِعٌ، فلا يُجعلُ المَتبوعَ تابِعًا، وكما إذا أحرَمَ بالصَّلاةِ مُطلقًا بغيرِ تَعيينٍ؛ فإنَّ صَلاتَه تَنعقدُ نَفلًا.

ولو نَوى مَسَّ المُصحفِ، ونَوى الجُنبُ الاعتِكافَ فهو كنيةِ النَّفلِ، فلا يَستبيحُ الفَرضَ ويَستبيحُ ما نَوى، ولو نَوى التَّيممَ لصَلاةِ الجِنازةِ فهو كالتَّيممِ للنَّفلِ على الصَّحيحِ؛ لأنَّها -وإنْ تَعيَّنت عليه- كالنَّوافِلِ من حيثُ إنَّها غيرُ مُتوجَّهةٍ عليه بعينِه؛ لأنَّها تَسقطُ بفِعلِ غيرِه (١).

ومَذهبُ المالِكيةِ كالشافِعيةِ والحَنابِلةِ إلا أنَّهم صرَّحوا بأنَّه إنْ كانَ مُحدِثًا حَدثًا أكبَرَ نَوى استِباحةَ الصَّلاةِ من الحَدثِ الأكبَرِ، وإنْ لم يَتعرَّضْ للحَدثِ الأكبَرِ، أي: ترَكَ نيةَ الأكبَرِ عامِدًا أو ناسِيًا وصلَّى بذلك التَّيممِ أعادَ


(١) «مغني المحتاج» (١/ ٩٨)، و «شرح المنهاج» بحاشية القليوبي (١/ ٩٠)، و «كفاية الأخيار» ص (٩٩، ١٠٠)، و «المغني» (١/ ٣٢٨)، و «كشاف القناع» (١/ ١٧٣، ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>